ذكريات
القسم السابع
تأسيس شركة تعاونية
وجدت ونتيجة تجربتي أن الكرامة ، وعزة النفس ، و الاخلاق القويمة ، تحتاج الى مقومات تزيد من روعتها ، أي كنسيم يحمل اريجها الى من يجهلوا واقعك المعنوي ، واحدى هذه المقومات المادة ، لذى علي أن اجد لها حلا.
فكرت طويلا ، وتوصلت الى حل قد ينقذني ، وكل اصدقائي الفقراء من هذه المشكلة العويصة التي جعلتنا مميزين عن الاخرين ، بل وقيدت من طاقات الكثير من اصدقائي ، ومعارفي ، وفي الوقت نفسه ، يزيد من طموحات اولئك الذين يتمتعوا بوضع مالي جيد.
احتفظت بالفكرة ، وحملت كتابي بغية الدراسة كعادتي خارج المدينة بين الحقول ، واللقاء بأصدقائي من التلاميذ.
وجدت عددا لا باس به من اصدقاء ، ومعارف ينتظروني ، فحييتهم فرحا ومبتهجا بلقائهم.
فاجأتهم بهذا السؤال : هل تريدوا ان تتخلصوا من الفقر ، وتعيشوا كغيركم من التلاميذ الموسرين؟
الكل صار يضحك وقال احدهم : نريد ذلك ، ولكن كيف ياابا المفلسين ؟هههههههههههههههههههه
اجبتهم علينا ان نؤسس شركة مساهمة ، كل منا يشتري ما يتمكن عليه من الاسهم. اجابوني لو اشتركنا جميعا سوف لا يزيد راس مالنا عن 200 فلس ، فكيف نؤسس شركة بهذا المبلغ؟
اجبتهم ، انا المسؤول عن ذلك ، فهل تودوا ان تكونوا اعضاء فيها ، وتتخلصوا من الافلاس؟
الكل استجاب لطلبي دون قناعة ، وكان عددنا ما يقارب 10 – 15 تقريبا.
انتخبنا الهيئة التأسيسية ، وتتكون من ستة اعضاء ، وانتخبنا أمين الصندوق ، ليكون مسؤولا عن مالية الشركة ، بعد ان رفضت ان اتحمل المسؤولية المالية لعدم خبرتي بها.
قررنا ان يكون سعر السهم عشرة فلوس ، انا شخصيا اشتريت سهمين وهناك من اشترى 100 سهم. جمعنا سعر الاسهم المباعة فكانت كما اتذكر 390 فلسا.
اخبرتهم في كلمتي التي تلت الانتخابات ، ان نفتح باب الترشيح لكل من يرغب ، دون النظر الى مهنته ، ولاقيت تاييدا منهم ، مع اني شعرت ان الجميع غير قانعين بالربح ولا بنجاح الشركة.
في اليوم الثاني اتصلت بأصدقائي ومعارفي من خارج المدرسة ، وعرضت عليهم شركة التعاون و اتذكر ، صديقي بائع الصابون مصطفى ، اشترى الف سهم ، وبعد خمسة ايام زاد عددنا عن الف مشترك وأصبح لنا راس مال محترم.
اجتمعنا بعد اسبوع في بستان احد الاعضاء ، وانتخبنا هيئة ادارية جديدة من خمسة اعضاء ، بظمنهم (( أمين الصندوق )) وهو تاجر شاي جملة معروف .
الهيئة الادارية تتحمل المسؤولية في حالة الخسارة او الربح. علينا ان نؤجر دكانا في منطقة يكون ايجارها رخيصا ، ونبيع فيه : الشاي ، والسكر ، والتمر ، والرز ، والصابون ، والدهن والراشي ( طحينة ) بل ولوازم بيتية اخرى ، وبسعر اقل بكثير عن سعر السوق.
كتبت نظام الجمعية ، وصادق عليها الحضور ، ومن احد بنودها المهمة:
مراعاة الجودة ، وأسعارنا يجب أن تكون اقل من سعر السوق ، وعائلة كل مشترك ستكون المصدر الاساسي لنجاح شركة التعاون .
في اليوم الثاني عثر احدهم على دكان كبير ، و ايجاره رخيص ، في منطقة ضعيفة بقوتها الشرائية ، اجرناه في الحال ، ودفعنا الايجار مقدما. اخواننا التجار الاعضاء في الشركة ساعدونا ، ولهم يعود الفضل الكبير في نجاحنا.
عينا بائعين براتب معقول ، ونجح المشروع بشكل عجيب.
بعد شهر وزعت الارباح ، وأتذكر استلمت عن سهمين لي حوالي 50 فلسا. الاقبال على الشراء ازداد بشكل عجيب ، وكل شيء عندنا سعره كان اقل من سعر المحلات الاخرى كما ذكرت سابقا ، مع مراعاة الجودة. بعد اقل من شهر اصبحنا كنار على علم ههههههههه
عصر يوم ذهبت وصديق لي الى مركز الشركة التعاونية ، فوجدناها مغلقة !!!!!
سألت عن السبب وقالوا : خالفتم القانون وفتحتم شركة بدون اجازة ، ومن تبنى العمل سيقدم الى محكمة !!! والبائعان رهن التوقيف ( اظلمت الدنيا ابعيني ) ههههههههههههههه
ذهبت حالا للشرطة ومعي صديقي عبد الملك الجوادي ابن رئيس التحريرات في متصرفية الموصل. قلت لهم انا اسست الشركة ، وأنا وحدي اتحمل النتائج الغير القانونية ، والموقوفان ابرياء ، لا علم لهما بان الشركة غير مجازة.
قدموني لمعاون المخفر ، وكان لطيفا جدا ، مرحا ، ومؤدبا وقال :
اولادي عملكم كان مخالفا للقانون ، و اطلق سراح البائعين ، وقال لي : ابني اذهب وركز على دراستك ، ولا تكرر مخالفة القانون ثانية والا سيكون مكانك السجن. ودعته شاكرا ، بعد أن صادروا كل ما في الدكان. وبعد يوم أمين الصندوق ، ارجع لكل مشترك ثمن الاسهم التي اشتراها ، ووزعت الارباح على الاعضاء كل بما يناسب عدد اسهمه بشكل خفي ، وانتهى حلمنا ، لنبقى على بساط الافلاس سعداء ههههههههههههههه
أخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان
يتبع