في القلب شيء لا يموت كالجذور عمقه ذلك هو حنيني اليك ...
قالت وغابتْ في دروب الصمت ِشاردةً ...عبارة ٌكالعطر أثرها في النفس ، العطرُ الذي يقتحم ُجميعَ الحَواس ويسيطرُ على العقل ، وكلّ الكلامِ الذي كنت ُأعددته مُسْبقا ً لأقوله لك ، فجأة ًلم أعدْ أذكره ..وأمامَ شَعْركِ الطويل المنساب على كتفيك ، كان َأشبه بشال ِ غجرية ٍ ، يضيفُ لجمالك جمالا ..هذا الأسودُ الحالك كالليل يحيطُ بوجهك القمري ..ما أصعبَ الوقوف أمام وجهك المليء بالجمال ..لم أستطعْ الصمودَ أكثر أمامه ..أحمرُ الشفاه ِالذي يدنو أكثر من رغبتي ، أهدابُك المرسومات بعناية ، تنتشر كأنها جنود تحرس العيون ...
أمام أنوثتك الطاغية ..كان لا بُدّ أن تضيعَ مني أبجديتي وتهرب الكلمات ..وأحاول المكوث َ أكثر قريبا من حرائقك الجميلة ...وعلى طريق الإرتباك ، كنتُ أشعلُ سيجارة ً تلو َ الأخرى ...دعيني أملأ ذاكرتي بك لسنوات الغياب ..وأقتنصُ من الوقت ما يكفي لأشعرَ أنّك رغم كل شيء ...رغم المسافة والحواجز ..رغم البعد الذي يطلّ برأسه سريعا ويأخذك بعيدا ..دعيني أحلم ولو للحظة واحدة في ظل كل هذه المتناقضات أنّك وحدك لي ..
ظمآنٌ أنا لك ..زمنٌ طويل من البحث ِعنك في المدن الساهرة ، هارب من مدينتي المحاصرة إليك ..أريد أن أستبقيك ِ أكثر وقت ٍ ممكن ..ورغبة داخلي أن أصرخ صرخة تملأ المدى : لا ترحلي ...
كان عليّ أن أتخلص من سلسلة الخيبات التي تعترض طريق وصولي لك ..ربما كان ذلك جنونا ، أو تمردا ً على المألوف ..ها أنا الآن معك أكسرُ خلوتي وعزلتي ...وأصبح في لحظة عاشقا ً مملوءاً بك ..وها هو الماردُ النائمُ في أعماقي ، يخرجُ من الزجاجة ، وينطلق في فضائك الرحب ، يتنفسُ حضورك ، يقرأ همساتك ، ويسافر في ابتسامتك الهادئة الرقيقة ...
هو الليل ُ يهزمني من جديد ..يُحاصر خلوتي وعُزلتي صمته العميق ، وعند الحدّ الفاصل بين الوعي واللاوعي ، عند ذلك الخيط الرفيع بين العتمة والفجر ..بين الممكن واللاممكن ..كنتُ أمارسُ سطوتي عليك ، وتمارسين احتلالي ، أكتب بحروفي ملامح أنوثتك وأرسم بالكلمات أسرار جمالك ، فالرسمُ بالكلمات لا يختلف كثيرا عن الرسم بالألوان ...لكنّ للكلمات قدرة في رسم المشاعر ، والتعبير عن مكنونات النفس .. لكل هذا سيبقى في القلب شيء لا يموت كالجذور عمقه... ذلك هو حنيني اليك ...
الوليد