اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم الصرخي الوليد ناقداً عرفت الوليد كشاعر مبدع أريب منذ ولوجي بوابات النبع المتعددة ،شاعر ملتزم بهمّه الوطني وبجذره الاجتماعي وهمّه الإنساني وقضيته المصيرية المتجذرة في تربة الروح متواشجة مع شرايين القلب ،فترى قصائده وإن كانت حروفها تغازل الكائنات والأشياء والمسميات بدون أسماء فالمسمى الوحيد هو الوطن الصاعد والنازل في نسغه ، يبحث عن الحرية من خلال حرية وطنه المستباح ويسعى لتحقيقها لتكتمل حريته المنشودة وإن كان يمارسها ذاتياً إلا أنه يعتبرها حرية مجروحة مؤجلة ،فحرية الإنسان في وطن مقيّد هي حرية ناقصة معارة مستلبة يمارسها لكنه لا يحس بها فطعمها ممجوج لا يشعر بمذاقها. عرفته يكتب بلغة بوح حميمية صادقة غير مصطنعة ولا إنشائية نخبوية مصنعه بل هي مشاعر ينزفها من روحه لتتسطر على الورق وترسم لوحة بريشة فنان مقتدر يصنع الإدهاش والصدمة متى يشاء ويجلب الإمتاع بألوان فرشاته ، لذا تجدها تدخل قلوب القرّاء وتجعلهم يتقمصون حالته ويعيشون الحدث بكل لهفة ومتعة قابلة للتأويل والانفعال والتأمل. ليس كل شاعر ناقد لكنه ناقد جيد لأعماله وحتماً ليس كل ناقد شاعر ،ويقول البعض أن الشاعر ناقد بالفطرة من خلال ممارسة رصده ونقده للواقع الاجتماعي والثقافي الذي يعيشه، فالشعر موهبة ولكن النقد ليس بموهبة ، يستطيع أي مثقف من خلال الدراسة والعمل الجاد أن يكون ناقداً لكنه لا يستطيع أن يكون شاعراً بالدراسة لأن موهبة الشعر هبة ربانية ،كما ترى أن بعض النقاد غير ضليعين ببحور الشعر وفنونه ونظمه لذا تلاحظ نصوصهم النقدية تنصب على الصورة والمفردة والتشكيل والترابط والمضمون الفكري دون التطرق إلى الخلل في بناء النص مثل اضطراب التفاعيل والعلل والزحافات والأوتاد والأسباب وبالتالي تراههم يفشلون في بناء قصيدة كاملة ، ( وأنا أكرر البعض ) لكنهم يعطوك نصاً نقدياً بملاحظات قيّمة تجبرك على التوقف عندها بما تمتاز من رصد دقيق يستدعي تهذيب النص من الشوائب أو الإشادة التي ترفع من قيمة النص باستحقاق وبالتالي يتحقق الأثر الأدبي ،وليس ما قيل بحق الناقد بمثابة مثلبة وإنما واقع حال، قيل للناقد المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر): لماذا تنقد الشعر وأنت لا تقوله؟ فقال :أنا كالمسن أشحذ ولا أقطع. خلاصة القول أن الشاعر يستطيع أن يكون ناقداً لكن الناقد لا يمكنه أن يكون شاعراً إلا بالموهبة. ما وجدته في الأستاذ الوليد دويكات أنه شاعر وناقد في آن معاً فعند قراءة نصوصه النقدية تراه يمتلك مقومات النقد من خلال خلفيته الثقافية الواسعة فهو ذو ثقافة موسوعية عامة وشعرية خاصة ورهافة حس نقدي ودراية ومعرفة بنشوء الأدب وأجناسه ومراحله التاريخية وصلاته بالفنون الأخرى إضافة إلى تفاعله مع المجتمع الذي يحتويه وكل المجتمعات ، وقدرته على الاستيعاب السريع والفهم الدقيق للنص سواء إن كان شعرياً أم نثرياً كلاسيكياً أم حداثوياً ،فهو قارئ وناقد لا يكتفي بكونه مراقباً للعملية النقدية للنص من موقع علوي بل يتخذ مكان القارئ ويتفاعل معه وصولاً إلى تقمص ظروف الكاتب خلال إنتاجه للنص فهو يتخذ من العملية النقدية حالة إبحار في عالم النص مستكشفاً لبواطنه كاشفاً لدرره.. إضافة إلى ذلك تذوقه للأدب بشتى أنواعه وقدرته على طرق أبوابه وسبر أغواره باقتدار ، فالوليد يمتلك ذائقة أدبية تجعله يميز الغث من السمين منذ القراءة الأولى وهذه ميزة تجعله يوضح النقاط الجوهرية لأي نص بسهولة ويسر وتدل كذلك على نظره الثاقب وذوقه المهذّب . إن للمزايا الثقافية العقلية والفلسفية والأخلاقية والمنطق الذي يتمتع بها جعلته ناقداً واعياً موضوعياً حراً نزيهاً لم يسقط في هوّة الأهواء والميلان والمحاباة مما سهّل له طريق التمكن من أي نص والإمساك بتلابيبه شكلاً ومضموناً واستخراج مكنونه وبالتالي وضع النقاط على الحروف وإبراز نقاط الضعف والقوة بكل حيادية وموضوعية . وفي الأخير فأن الوليد أثبت بأنه ناقدٌ ناجح كما هو شاعرٌ ناجح يستهويه النقد فيترجمه في منجزه الإبداعي بكل جدارة واقتدار. كان صباحا ً لا يشبهه صباح ... فقد اعتدتُ أن أتفقد النبع كل صباح ... فكانت هذه المفاجأة التي أعْيَت أبجديتي وألجمت قلمي ... فقد غمرني ما قلته بحقي .. وأرى ما كتبت هو الأجمل الذي تناولني من خلال هذه القراءة والولوج للنفس .... أما أن تراني ناقدا فهو وسام أزهو به ...ولن أخجل بعد اليوم أن أضيفه لإسمي ( شاعرا / ناقدا / أديبا ) ، فبه قد نلت شهادة اعتماد ما كنت أبغي من يد ٍ تعلقها نيشانا على صدري كأنت ... العبارات لا تفي وهي تتسابق لتنال شرف العبور للسطور في معرض الرد على جمال ما قلت وكتبت ... لك الشكر حتى ترضى محبتي وجلّ تقديري الوليد