قررتُ منذ ألف عامٍ أن أتميَّز عنهم قدر استطاعتي.. رائياً الربَّ في عين قلبي..
متوخيَّاً عونه على صعب ما أردتُ .. ولو نالني من تقصيرٍ.. فليعنِّي عليه بقدرته وإحاطته ..!
تعلمين جيداً، وأنت هناك مصونةٌ في سدرة المنتهى، قبالة جنان الفراديس، تحت ساق العرشِ
أنني متفرِّدٌ حدَّ تلاشيَّ عوالم البشر!
أو ربما تلبدتْ رؤاكِ قليلاً، إذ أن الحياة الدنيَّةَ مترعةٌ بملايين الانشغالاتِ التي تفتنُ الحازمَ ذا اللُّبِّ الموقَّر!
**
ألا.. على ضميرٍ ميتٍ تكتنزهُ أنفسٌ قميئةُ الأنفاسِ في هذه الحياةِ ألف ويلٍ وويحٍ وبعد!
كيف امتطت أرواحُ الأناسيِّ متونَ الفجورِ مطلقةً عنان الشهواتِ على مصراعي عهرٍ ونفاقٍ مبين!
لست راهباً في أزمنةِ اللامعروف هذه.. ولست متعبِّداً في محاريبِ الإخلاصِ المطلقِ النقاءِ والطهارة..
ولكنِّي آبى على نفسي دنسَ اختلاطِ الماءِ الزَّنيمِ بالطِّينِ الخبيثِ أبدا..
**
ها أنا الآن أمامَكِ.. حاكميني على مرأى شعوري وخفقاتِ قلبي واغوِرارِ أعماقي ديدنكِ الأوفى..
ثقي أنني أتقبلُ أيَّ حكمٍ يصدرهُ قضاؤكِ المبرمُ برحابةِ صدرٍ..
وما تبقى فيَّ من رمقٍ دنيويٍّ بليدٍ يؤزُّ صلافتي على التماسِ حق النقضِ.. أدفنهُ قربى تميُّزي ذاكَ.. ولا أبالي..
**
سأم الدنيا، ليس حالةً طارئة مسَّني قرُّها ذاتَ قيظٍ فأطفأ جذوة رغباتٍ كثيرة تلهَّفتها نفسي..
فليكن..اللهاثُ عليها.. ليس من شيمتي كما تعلمين.. بِعتُها بأزهد أثمانها.. ولعلِّي أطلِّقها قريباً أسوة بالطاهرين..
تغمَّديني الآن بلمحكِ برهةً من أمل.. أحتاجها في خضم رحلتي ..وما تبقى منها هنا.. وهناك.. وحتى نلتقي...
لا تعتبي إن تعجَّلت الرحيل.. الأحاسيسُ في نفسي أحفوريَّةٌ تنتقد العمر كل حين!
يشبهُ تملمُلها دواخلي.. اغترابَ المسافرِ حوافَ أذرع المجرةِ مسافاتٍ لانهائية..
باتَ حلمه انتماءَ قلبِها أضغاثاً وقبتْ في وهمٍ، تفانت حتى أصداؤهُ هذه الحياة..
**
هيا ابتسمي واغمريني مآملك الشهية.. ليس اليأس مني بمكان..وروح الله بين جنبي تهيمك..
لقاء.....