@@@@@
قراءة في منهجية كاتب
ترجمة النسق الأدبي للشاعر والمبدع والكاتب
لا شك أن الكمال لله وحده ومهما أتى الإنسان من معطيات وقدم من فنون
يظل المرء ساعياً لإكتمالية غير مدركة ، ويتفاوت الإدراك والعطاء مع انحساره
في محيط الصورة المنوط بها بما يقدمه من أعمال تدل وتدلل للرائي والمتلقي
وتكون نافذة يطل منها على الدنيا ويبث معطياته حسب البيئة والنسيج
اللذان صنع منهما وشكل بناء المبدع فهذه أرضية كلما كانت خصبة أتت
بالثمار ، وأصبحت وجبة للجائعين فينهلون منها ويسعون لها ، أن البنائية
البيئية للمبدع تكون هي المضمون الأوحد على أن يشق طريقة بنكهة معلومة
متميزة يعلب فيها المناخ لعبته فيرسي دعائمه وسط الترهل ويثبت دون مزايدة ،
ولا يمكن للمبدع أن يأتي بإبداع متميز وهو جالس بين أربعة جدران مهما قرأ
من فكر وتأثر بغيره ،فيكون كل ما يأتي به سطحياً لا قيمة له لأنه بني علي غير
أساس ، ويظهر في إبداعه صورة الأخر الذي شرب منه وتأثر به ، تلك هي
صورة لا يحبذها أهل الأدب والمتذوقون لشهد الإبداع وشرابه ،
فتحال الحقيقة إلي صورة وتقرأ بنظرة أخري ويفقد صاحبها الملامح
المكونة لذاته ،والمبدع دائما مهما كان كاتباً أو قاصاً أو شاعراً تكون فيه موهبة
تسمو دائما وترتفع كلما ذهب للآخرين وانتفى منهم وشرب منهم بالقدر الذي
يثري منونه ويطوره فالحياة دائما كالنهر الجاري الذي يحيا عليه الجميع
ويشرب ويروي من ماءه ، فتلك هي البيئة والأرض والحياة الأولى
التي تحفر في جدران العقل ماهيتها ولونها وطعمها نراها حين تتدفق عبر
وترسم صورة الحال والواقع وترفع من قيمة المبدع فيصبح ذات لون وطعم ،
ويستنبط المبدع العبر والمواعظ والدروس ويقدمها على مائدة إبداعه
بحيث لا يكون العمل منوطاً بفئة معينة ،بل على العكس يجب أن يكون وجبة
شهية لكل الجائعين والمتعطشين ، فيقبل عليه الراغبين وغير الراغبين ويكون
مادة دسمة مقبولة عند الجميع لا تختص بزمن ولا فئة بعينها من الناس ،
ودائما يكون المثقف لديه ذائقة يود دائما إشباعها ، ويكون إشباعها مهما بلغ
من تغاير هو الأصل الذي نشأ فيه وترعرع ، ونحن في وسطنا العربي
تحكمنا عادات وتقاليد وأعراف وعقيدة موحدة ،ونرى أن كل ما يشذ عن هذه
القاعدة فأنه يكون مبتوراً ومبعداً مهما كانت درجة القبول لأعماله خارج نطاق
الرقعة الوطنية لأنه شذ عن الطبيعة الدارجة ، وقد يعجب ذلك البعض
ويهللون مدحاً وثناء على عمله ، الذي لاقى قبولاً عند الأخر
واتفق مع رؤياه ، التي تكون أحياناً نقضاً أو نقداً لموروث ثقافي أو اجتماعي
في ثوب الأمة ، لذلك نرى بعض المهللين فمن منطلق هذا المفهوم ومن
هذه الرؤية يتذوق المبدع الحياة من الطبيعة التي تحيط به ويعيش في كنفها ،
يعرف البساطة ولا يغريه الثراء ، فأغلب المبدعين هم أبناء الطبقة الوسطى
أو أبناء الفقراء عاشوا على أرض الواقع وشربت وجدانهم من نهر الحياة التي
عاش فيها فسكبوا المداد يروي وهو يزهو بنسائم وزهور الأدب والكلمة
بين أطلال الدنيا ، فلم تغريهم نطاحات السحاب والحياة الثرية التي يعيشها
القلة ،