قدَرُ القصيدة
شعر: عبد اللطيف غسري
أنينُ الحَرفِ في السَّحَرِ انـْشِغالُ = بـِآلامِ القصِيدَةِ وَابْتِهَالُ
ولِلكلمَاتِ في وَصفِ اللآلي = جنوحٌ بالبَيَانِ لهُ اشْتغالُ
فإن صَدَحتْ قرَائحُنا ببَعضٍ = منَ الأشجانِ يرسُمُهُ الجَمَالُ
فما كنـَّا على وَترٍ وقوفـًا = ولا أغرى جوانِحنـَا الدلالُ
ولكنْ بَهجة ُ الشعراءِ في أن = يقولوا ما يَضيقُ به المَقالُ
فكيفَ نـُلامُ مِمَّنْ ليسَ تـُرْعَى = لهُ في الشِّعر نـُوقٌ أو جِمالُ
وكيف يُقالُ ليسَ لنا ذِمامٌ = وكيفَ يُقالُ فـُكَّ لنا العِقـَالُ
وإنـَّا لا نبَالي باعْتقادٍ = ولا مَا تستقيمُ به الخِلالُ
إذا عَنـَّتْ لنا بيضُ القوافي = على كثبٍ أوِ انـْفتـَحَ المَجالُ
لزرْعِ غيَاهبِ الأوقاتِ بـِشْرًا = فيُصبـِحَ للوجودِ بهِ اكتمالُ
وتلكَ مقالة ٌ لِلجَهل فيهَا = نزُوعٌ واحتِبَاءٌ واتـِّصالُ
قديمًا أبْرَقَ الجُعْفِيُّ قولاً = إلى مَن في مَدَاركِهِ خَبَالُ
"ومن يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ" = فلا يَحلو لهُ الماءُ الزلالُ*
بـِزندَقةٍ قدِ اتـُّهِمَ المعَرِّي = ولمْ يكُ فِي الضمير لها احتمالُ
أدِينَ بمِثـْلِِها الحَسَنُ بْنُ هانِي = وقِيلَ لـَبـِئسَ قـَوْلـُكَ والخِصالُ
وبَعضُ النـَّاسِ ليسَ لهُمْ عقولٌ = فتـُدركَ ما يَقولُ به الرجالُ
فكيفَ إذا أتى الشعراءُ يومًا = بقولٍ لا يُحيط بهِ الخيالُ
ترَاهمْ يَنظرونَ إلى قـُشورٍ = لهَا عَن زُبْدَةِ المَعنى انـْفصالُ
ويَنتبذونَ عَن عَمْدٍ مكانـًا = قـَصِيًّا في الجَهالة لا يُطالُ
فـَذا قدَرُ القصِيدَةِ ليتَ شعري: = عروسٌ لا يَطيبُ لهَا الوصالُ
* إشارة إلى بيت المتنبي:
ومن يك ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ = يَجد مُرًّا به الماءَ الزلالا
الجعفي هو أحد ألقاب المتنبي