تأبي الكرامةُ أنْ يقتادَها أشِرٌ
أطِلْ حديثكَ فيهُمْ أيها الأملُ = إذا تنكَّبَ عنهُمْ خائفٌ وجِلُ
واطلقْ بيانَكَ للأجيالِ مُفتخِراً = على الجميعِ إذا أسلافُهُمْ غَفَلوا
لي فيكَ أسمى وفاءٍ لستُ تاركَهُ = ولا أحارَ إذا ضاقَتْ بي الحِيَلُ
أقولُ للدّهرِ إنْ لاحتْ بواتِرُهُ = مهلاً فليس للهِ في أحكامِهِ عَجَلُ
فما تدومُ لِمَنْ أعوادُهُ نُصِبَتْ = ولا يدومُ لمَنْ تيجانُهُ قُلَلُ
أضحتْ بِهِمْ عادياتِ الدّهرِ نازلةً = كأنّها الصّارمُ البتّارُ يحتفلُ
منازلُ القومِ عفّتْ بعدَ ساكنِها = أمسَتْ تسير بها الأقدارُ والغِيَلُ
وَقَفْتُ فيها مِراراً كي أُعاينها = وقدْ توالتْ رِماحُ الدّهرِ تتصِلُ
ما أسرعَ الدّهرُ يرمي عَنْ كواهلِهِ = ذُلَّ الطّغاةِ إلى الهَلكى وينفتلُ
ساءلتُ دهري بما ينوي الجوابُ بهِ = ماليسَ عندي لهُ عذرٌ ولا عِلُلُ
وكَمْ غدَوتُ إلى التأريخِ أردُفَهُ = أنْ سوفَ يأتيكَ مادَسّوا وما فَعَلوا
إنّ الذي قدْ أتى يوم َالطفوفِ فقَدْ = حَوى الخِصالَ التي تسْعى لها الرُسُلُ
ياقاتلَ النّفسَ ليسَ الغدرُ مفخَرةً = ولا صلاةً بها يؤتى وتكتَمِلُ
لا تُفرِحَ النّفسَ لو أعطاكَ منزلةً = فكُلنا رِمَمٌ في الأرضِ ننتقِلُ
فبَعْضُنا مُغرَمٌ يَهوي بصاحِبِهِ = عندَ اللقاءِ ويجري ثمَّ يَعتزِلُ
توَهّمَ البعضُ أنَ الدّهرَ تاركُهُ = وكلُّ فِعلٍ سوى أفعالِهِ هَبَلُ
مَنْ مُبلِغَ الدّهرِ أنّ العزَّ يقتُلُهُ = ولا يُنَجّي الطغاةَ الوَهْمُ والأمَلُ
إنّ الرّكونَ إلى أحقادِ مَنْ ورِثوا = حقداً دفيناً فما تابوا ولا اعتدلوا
تاجٌ مِنَ الوَهمِ مرفوعاً أُطيحَ بِهِ =وطُغمَةٌ بِسَرابِ النّصْرِ تَحتَفِلُ
مُذُ قاتلوا آلَ بيتِ اللهِ واحتفلوا = وكُلُّهُمْ ألسُنٌ للهِ تَبتهِلُ
قدْ عانقَ الحُزنُ آمالي ومَمْلَكتي = كأنّهُ عاشِقٌ في القلبِ متّصِلُ
عليَّ سَبكِ القوافي حينَ أصقُلُها = لها نَحيبٌ على الأحزانِ يَشتَمِلُ
لأندُبَنَّ وأجفاني مُقرّحة ٌ = حاشا يُخالِطُها زيفٌ ولا حِيَلُ
لا يحْبِسُ الثاكلُ المَحزونُ دَمعَتَهُ = عَنْ مُقلَتيهِ وفيها مُسْبِلٌ هَطِلُ
ماذا أصوغُ وقلبي كلُّهُ ألَمٌ = بينَ الثواكِلِ والأحزانِ ينتقِلُ
ياآية َالصَّبرِ ياعنوانَ مَلحَمَةٍ = فيها الحسينُ وفيها الفارسُ البَطَلُ
فيها الإباءُ وفيها كلُّ مُقتَدِرٍ = فيها الكرامةُ للراجين والمَثَلُ
بئسَ العقولُ التي للمالِ قدْ سَجَدَتْ = بئسَ الحياةُ التي للعارِ تحْتمِلُ
تأبي الكرامةُ أنْ يقتادَها أشِرٌ = وأنْ يُنَكّلَ في دستورِها نَذِلُ
يا آيةَ قاوَمتْ ظُلماً فما انهزَمَتْ = وقدُ تحطّمَ في أعتابِها الوَجَلُ
ويا بيانَ الهُدى مِنْ كلِّ مقتَدِرٍ = بالصّبرِ والعلمِ والإيمانِ يتَّكِلُ
كالرّمحِ أحرُفُها تُردي بواحِدَةٍ = فليسَ يُدْني لها لَيْثٌ ولا بَطَلُ
فيها البلاغةُ والتبيانُ إنْ تُلِيَتْ = وفي التفاخُرُ فيها البأسُ والأسَلُ
مُفجّعُ القلبِ لا تُلْهيهِ حادِثَةٌ = ولا بلاءٌ ولا قَولٌ ولا جَلَلُ
لايُكظِمُ الثاكِلُ المفجوعُ همّتَهَ = إذا تنَمَرَ في أوطانِهِ الوَعِلَ
يازينبَ الصّبرِ يا نهجاً نَصولُ بهِ = عندَ الشدائدِ إنْ ضاقَتْ بنا الحِيَلُ
إني لَيُفجِعَني أنْ يُبرزوكِ وهُمْ = لولا النبوةُ ضاقتْ فيهُمُ السُبُلُ
فقيّدوها عَسى بالقيدِ يمنعَها = عنْ كلِّ ثأرٍ فما فازوا بما فعَلوا
كانت تقولُ بآياتٍ مُنزّلَةٍ = كأنّها الضَّيغَمُ الكَرارُ يرتجلُ
يخالُ مِن بأسِها الأرواحَ هامدةً = حتى أرادوا بأن يغتالهُمْ أجَلُ
كأنّها في عرصاتِ الشامِ حيدرةٌ = إذْ ليسَ ينفعُ بعدَ الحُجّةِ العِلَلُ
هذي العقيلةُ في تبيانِها حِكَمٌ = للثائرينَ وَمِنْ إصْرارِها نَهَلوا
دبي 3/11/2017 – سراج الربيعي - |
البسيط