منتديات نبع العواطف الأدبية - عرض مشاركة واحدة - نفق مظلم
الموضوع: نفق مظلم
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-30-2018, 01:08 AM   رقم المشاركة : 1
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي نفق مظلم

نفق مظلم
انتابني ذات صباح شعور بالجمال والأمل مع أنّني أحسست بفراغ داخلي مهيأ لاستقبال قوافل من المشاعر، ورحت أتراقص على أنغام فيروز الصباحية ،و أردّد معها بعض الكلمات التي علقت بذاكرتي.
تزينت وتعطّرت بعطري الفرنسي الذي أهملته من مدة وكنت قد نسيته و أظن أنّ زوجي وضعه أمامي لغرض ما وهو يعلم كم أعشق هذا العطر.نظرت إلى الساعة المعلقّة بجدار الغرفة فكانت تشير إلى السابعة صباحا موعد استيقاظهم.
دخلت على الفورالمطبخ، وكان بي شوق إليه غير طبيعي ،ففوجئت بطريقة ترتيبه و بدا لي غريبا وكأنّه ليس مطبخي .لا أنكرأنّه كان مرتبا بصورة أفضل... فقلت في نفسي لعلّ إحدى بناتي فعلت ذلك سأشكرها حين استيقاظها.ورحت أحضّر مائدة الفطوروألوم نفسي على ترك المزهرية فارغة وهذا التصرف غريب عنّي.فاتجهت صوب الحديقة وهناك زادت حيرتي،إذ لم أر هناك ما يسرّني كانت ورودي ذابلة وو جهها شاحبا وخضرة سيقانها فاترة؟ ! ومنها ما تساقطت أوراقها ، و الحشيش البريّ عانق الأرض و استشرى هنا وهناك ، تأسفت لما حلّ بجنتي الصغيرة وقد كنت أسقيها كلّ صباح.هل تخليت عنها كلّ هذه المدة ؟ !عدت إلى مائدتي مكسورة الخاطر مما رأيت ،حزينة على ما أصاب حديقتي، ألوم نفسي على إهمالي.
جلست أنتظر باقي أفراد الأسرة،وما هي إلاّ ثوان حضر الجميع و ألقيت التحايا الصباحية.نظرت إليّ ابنتي نظرة غريبة ولم تتوان عن سؤالي: إلى أين أنت ذاهبة ياأمي؟.رددت دون تفكير:ماذا دهاك ؟ !طبعا إلى العمل،فضحك الجميع وفي اعتقادهم أنني أمزح
استفزني تصرفهم فصرخت بأعلى صوتي و أجهشت بعدها بالبكاء،ففهم الجميع أنني لم أكن أمزح و إنّما هي نوبة من النوبات التى باتت تلاحقني مذ تقاعدت عن العمل.
ولا زلت أعايد الطبيب النفسي.
صمت الجميع ، أمّا ابنتي فقفزت من مكانها وعانقتني بحرارة أذابت هواجسي وهدّأت من روعي..تظاهرت بانني على أحسن حال ورحت أرتّب المائدة في هدوء وبشكل طبيعي.ذهب الاولاد إلى جامعاتهم بعد أن اطمأنوا على حالي.
وبقيت أنا برفقة هواجسي واكتئابئ أسترجع الصور الاخيرة و أتذمر من تصرفي.وفجأة رنّ الهاتف،كانت أمي تسأل عنّي _أكيد أخبرتها إحدى بناتي عمّا حدث_ وتدعوني للذهاب معها وأخواتي في نزهة إلى مكان تعرفني أعشقه منذ الطفولة.وافقت على الفور ودون تردد حتى لا تشك في شفائي و أنني صرت بأحسن حال . وصلنا إلى المكان ورحت ببصري صوب الفضاء الاخضر فانتابتني قشعريرة ملأت روحي بهجة وغبطة فاستدرت نحو أمي فرأيتها تحدّق بي وتبتسم عرفت كم كانت تتألم وأنا حبيسة الدار أصارع المرض.جلسنا نستظل تحت شجرة باسقة قاسمتنا سحر المكان تذيلتها أعشاب برّية شاركتها الحياة تبادلنا أطراف الحديث ما بين طرافة وجد،تعالت أصواتنا والابتسامة لم تفارق ثغر أمي.وفجأة سمعت أصواتا تملأ فضائي تتبعها صراخات مريعة و أنا أصارع الموقف خوف انتباه أمي وهي في قمة السعادة.لست أدري كيف وصلت إلى المستشفى فبعد استيقاظي سمعت الطبيب يقول لامي الحمد لله سلمت هذه المرة من النوبة العصبية ولكنّها مازالت لم تتقبل مرضها بالزهايمر.

بقلم ليلى بن صافي















التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس