10) حتى في الأدب
وقد يسبق إلى الخاطر أن الأدب الأوربى ميدانٌ لا يتسع للاقتباس من الحضارة العربية كما اتسعت ميادين العلوم والمباحث الفكرية ، لاختلاف اللغة واختلاف قواعدها من أساسها بين الشعبة الآرية والشعبة السامية من اللغات .
إلا أننا لا نقرأ بوكاشيو الإيطالى في "صباحاته العشرة" ولا سرفانتيز الإسبانى في "دون كيشوت" ولا شكسبير الإنجليزى فى رواية "العبرة بالخواتيم" ولا دانتى الإيطالى فى "القصة الإلهية" ، إلا تبين لنا على التحقيق أنهم مدينون لقصص ألف ليلة وكتب محيى الدين بن عربى و حكاية ابن طفيل .
وتتفق الآراء على أن الشعر الإيطالى الحديث قد استقل عن اللاتينية فى الإقليم الذى ظهر فيه الشعراء الجوالون troubadour مقتدين بالشعراء العرب ، ومتخذين اسمهم على رأى بعض المستشرقين فى كلمة "الطرب" العربية ، وأهم من ذلك كله فى القدوة العملية أن الأوربيين قد وجدا أمامهم مثالا يحتذونه من حرية العرب فى الكتابة والنظم فتمردوا على الأدب المحتكر لطائفة القساوسة باللغة اللاتينية أو الإغريقية القديمة . ومن هنا برزت نهضة الشعر فى صقلية ، وإقليم بروفنس ، حيث اتصلت العلاقات الثقافية والاجتماعية بين العرب وأبناء تلك البلاد .
