الأستاذة الفاضلة ميساء ، تحية طيبة وبعد،،
أسجل لكم كل التقدير والاحترام لهذا الأثر الأدبي البديع الطيب الخلاق .
عمل يحوي كماً هائلاً من الدلالات المشحونة والغائمة وراء الكلمات المتوارية خلف العواطف والأخيلة والأفكار ، والتي تحتاج لمن يجلوها ويكشف عن أسرارها موطن الجمال فيها .
نص رائع بديع ، تتجسد الروعة فيه من خلال فتح النص واستكناه مافيه من جواهر المعاني البديعة ،والبوح الدفين والشحن النفسية والانفعالية الصادقة .
سوف أتحدث فقط عن عنوان الخاطرة التي تدثرت بعباءة تقنيات السرد الروائي ، فالنص يحمل بوح الروح والنفس في همس جميل .
عنوان العمل أول مايُقرأ من النص ، والعنوان يمثل الكلمات المفاتيح للعمل الأدبي ، والتي كان لها أثرها في النص من خلال تكرارها في النص وهذا التكرار الكمي والدلالي لم يأتِ اعتباطياً بقدر ما كان له من أثر انفعالي في بنية النص العميقة .
" حروف بلا رؤوس " الكلمة المحورية في بنية النص فهي تمثل انزياحاً عن اللغة كظاهرة لغوية وتأخذ مجالاً تعبيرياً أعمق ، فالاستعارة هنا ليست لغرض جمالي فقط ولكنها تدل على المعنى العميق من خلال الانزياح الأسلوبي الذي طرأ على الكلمة ، فلقد دلت لفظة " حروف " على جملة الحروف الأبجدية ، والتي تتألف منها الأبجدية وبدونها لن تحدث عملية الكتابة أو النطق ، وهذه الكلمة " حروف " أسند إليها كلمة "رؤوس " وهكذا تحولت الحروف بهذا التعبير الانحرافي عن اللغة إلى أجساد كالبشر ، ولكنها أجساد ناقصة كونها بلا رؤوس في دلالة على كونها حروف ميتة ، فالجسد الذي فصل عنه الرأس هو جسد ميت لا روح فيه ، وهكذا كانت دلالة هذه الكلمة المفتاح حروف بلا رؤوس تدل على أن الحروف كلها قد أضحت ميتة وفي حكم العدم ، فكل الحروف التي تولد على الشفاه لا تغادرها ، والتي يخطها اليراع تموت فوق قرطاسها ، هي حروف ميتة لاتعبر عن شيء ، كأن مبدع العمل يقول بأنها حروف باتت لا تُسمع ولا تقرأ لعدم وجودها ، فساد الصمت وحل الغياب ، ونلاحظ التكرار لكلمة " حروف " وقد وردت مقترنة مع كلمات اسندت إليها ولكنها تعبر في مضمونها عن ذات الدلالة الانفعالية والتي تحققت من خلال السياقية في النص نحو : الحروف الثائرة ، لأنها ترفض الواقع المعيش لأنها باتت في نظر المجتمع حروف لا تعبر ولاتحمل في جوفها روح الحياة لذلك فهي تحاول الثورة على واقعها الذي ترفضه ، " حروف مبعثرة " في دلالة على الضياع ، والفقد .
عمل جميل ورائع اعتذر لو أخطأت في الفهم ... حياكم الله بكل خير ...