عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - e -:" أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ: الحَيَاءُ، وَالتَّعَطُّرُ، وَالسِّوَاكُ، وَالنِّكَاحُ "[1].
------------------
[1] - سنن الترمذي ت شاكر (3/ 383) (1080) والمعجم الكبير للطبراني (11/ 186) (11445) وتهذيب الآثار مسند ابن عباس (1/ 490) (772) حسن لغيره
(أربع من سنن المرسلين) جمع سنة وهي الطريقة وإذا كانت من طرائقهم وقد أمر نبينا - e - أن يقتدى بهم قال تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] وقد أمرنا باتباعه - e - {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] فإخبارنا بأنها من سننهم حث لنا على فعلها والإتيان بها (الحياء) ضبط بالمهملة والنون وهو المناسب لقرينة وضبط بالمثناة التحتية معها وقد ورد في الحياء عدة أحاديث وتقدم تفسيره بأنه تغير وانكسار يلحق الإنسان من خوف ما يعاب به وقد قيل: إنه اكتسابي وكيفية اكتسابه أن الإنسان إذا هم بأمر فمن حقه أن يتصور أقل من في نفسه أن يطلع على عيبه وكذلك لا يستحي الإنسان من الحيوان غير الناطق ولا من الأطفال الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر من الجاهل.
قلت: ويرشد إلى هذا التصوير قوله - e -: "استحي من الله استحياك من رجلين صالحي عشيرتك" أخرجه ابن عدي عن أبي أمامة وعلى أنه أريد به الأول أعني بالنون بعد المهملة فالمراد خضب الشيب بالحناء.
وقد اختلف العلماء في خضب غير الشيب بالحناء كاليدين والرجلين لغير ضرورة فقال العجلي من أصحاب الشافعي أنه حرام وتبعه النووي (قال التمازى رحمه الله: قال شيخنا في كتابه وكلام صاحب البيان والماوردي والرافعي وغيرهم يقتضي الحل وهو المختار انتهى.
قلت: وقد أورد المرعي شارح التنبيه عدة أحاديث في (إباحيته بل في استحبابه ولكنها ضعيفة إلا أن الأصل الجواز والتحريم لم يقم عليه دليل وما ذكره المانعون من التشبه بالنساء ممنوع. (والتعطر) وهو استعمال الطيب وقد حبب إليه - e - كما حبب إليه الثالث وهو (النكاح) فإنه من سنن المرسلين وإن كان منهم من لم ينكح كيحيى وعيسى عليهما السلام (والسواك) فإنه مما كان يحبه - e - وكثرت منه الأحاديث والحديث حث على هذه الأربعة .التنوير شرح الجامع الصغير (2/ 257)