الموضوع: فى ركنٍ هادئ
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2019, 12:22 AM   رقم المشاركة : 1
كاتب
 
الصورة الرمزية سرالختم ميرغني





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :سرالختم ميرغني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: فى ركنٍ هادئ

ذكريات وتأملات


كنت مضطجعا اتأمل منفردا فى داخلية مدرسة مهجورة ملاصقة لمدرسة بنات ابتدائية بعد ظهيرة يومٍ هادئ فى حىٍ طرفى على حافة صحراء موحشة . فجأة ترامى إلى سمعى أصوات صبايا من المدرسة المجاورة الخالية الهادئة نظرا لأن الوقت كان عطلة صيفية . تملكنى الفضول لأنهض وأذهب إلى السور الطينى المنخفض الذى يفصل ما بين المدرستين فإذا بصبيتين مليحتين تلهوان فى أرجاء المدرسة الخالية . وما إن لمحننى جاءتانى تضحكان فقد كان غريبا لديهن أن يكون هناك شابٌ وسيم على الجانب الآخر من السور المنخفض الفاصل فى منتصف العطلة الصيفية . فالمدرستان فارغتان تماما من التلاميذ والمعلمين مما ضمن لهما وحدتهما وجعلهما تتآنسان وتقهقان بحرية . وقفن أمامى وبقية من ضحكهما ما زالت عالقة بشفتيهما ووجهاهما مستبشران فرحان بمفاجأة التقائهما بشاب قطع عليهما وحدتهما ووحشتهما فى تلك البناية الكبيرة الخالية . إن كل حادثة فى حياتنا امتحانٌ لنا . وهى إما أن تقربنا من الجنة أو تقربنا من النار فى الدار الآخرة .

بادئ ذى بدء لم تأتى الصبيتان نحوى فرحتين تضمران فعلا يسوؤهما بل الأرجح أنهما كانتا بريئتين براءة صبايا فى مقتبل العمر . لماذا لم أؤانسهما بحديث عادىّ برئ ؟ إنهن كن فى شوق للتعرف علىّ وبدء أنسٍ جميل يقطع وحشتنا فى ذلك المكان المقفر . ولو أنى أحسنت الظن بهما وتحدثت معهما حديث الأب لابنتيه أو الأخ الأكبر لأختيه أو الأستاذ لتلميذتيه لغمرتهما السعادة والطمأنينة والأمن من خوف المكان المهجور . ولربما أشعرتانى بقدومهما فى كل مرة تأتيان فيها إلى ذلك المكان فتجتمعان بى . ما كان المانع من سؤالهما عن إسميهما وعن فصليهما فقد كان واضحا أنهما تلميذتان فى تلك المدرسة ذاتها التى كانتا تتجولان لاهيتين فيها ؟ ما كان المانع عن الحديث حول المواد المدرسية وعن مدى حبهما لها وعن مدرساتهن وعن أسرتيهما وعن مذاكرتهما فى بيتيهما..وعن أشياء أخرى كثيرة ولكنها ذات صلة بتعليمهما وذات صلة بمدينتهما التى كنت أنا غريبا فيها فكنت على الأقل سأكتسب معلوماتٍ منهما . والله كنا سنقضى وقتا سعيدا بريئا ثم أنصرف أنا وتنصرف الصبيتان إلى شأنهما..وقد اقتربت خطوة أو خطوات من الجنة فى الدار الآخرة !!







  رد مع اقتباس