الموضوع: فى ركنٍ هادئ
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2019, 06:00 PM   رقم المشاركة : 45
كاتب
 
الصورة الرمزية سرالختم ميرغني





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :سرالختم ميرغني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: فى ركنٍ هادئ

من الموسوعة العلمية (hilal dec 60)

الكـُليتان

معمل كيمياءى دقيق داخل الجسم
الكُلية هى جهاز الترشيح فى الجسم ، وهى تقوم باختبار كل نقطة من سوائل الجسم لا للكشف عن السموم والشوائب فحسب ، بل لضبط نسبة المكونات العادية للوسط الداخلى للخلا يا ، مثل أيونات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور ، ودرجة قلوية الدم . والكلية عبارة عن 138 ميلا من الأنابيب المضغوطة إلى حجمٍ لا يزيد عن قبضة اليد ، وهى تزن ربع رطل . وتوجد الكليتان على جانبى العمود الفقرى ، وتحت القفص الصدرى مباشرة . ويوجد بكل كلية مليون وحدة ترشيح ، عملها حفظ توازن جميع المواد غير العضوية الذائبة الذائبة فى سوائل الجسم ، بحيث أن أدنى زيادة يسيرة فى أىٍ منها تطرد خارجا مع البول . وعندما تنقص نسبة مادة معينة ، تعمل الكلى على الاحتفاظ بها وتركيزها إلى أن تصل إلى مستواها العادى المطلوب .
وتركيب الوسط الداخلى للخلايا الذى تعمد الكليتان إلى المحافظة عليه هو تركيب ماء البحر . بمعنى أن يكون طعم ما فى داخل خليتك مشابهٌ لطعم ماء البحر . وأى تغيير فى تركيب الوسط الداخلى للخلايا ، يضر بالجسم أبلغ ضرر . فزيادة الملح أونقصه ، وكثرة الماء أو قلته .. لها مفعول أخطر السموم .



ويرجع الفضل فى اكتشاف هذه الحقائق إلى الأبحاث الرائعة التى قام بها الدكتور ريتشارد بجامعة بنسلفانيا ، فقد أخذ عينات من كل جزء من كل جزء من كلية الضفدع بواسطة معدات وأدوات غاية فى الدقة . وباستعمال المجهر ، والتذرع بالكثير من الصبر ، كُتب له النجاح فأوضح بجلاء وظائف الكلى .
ويمر خلال وحدات الترشيح يوميا عشرة أمثال ما فى الجسم من سوائل إذ أن أغلبها يُمتص ثانيةً فى الأنابيب الكلوية الدقيقة . ولا يُفرز إلى الخارج منه فى هيئة بوْل إلا كمية تتراوح ما بين لتر ولتر ونصف . وتصب الأنابيب الكلوية العديدة فى ما يُعرف بحوض الكلى ، ومنه إلى الحالب ، الذى يتصل بالمثانة ، حيث يُختزن البول إلى أن يصل حدامعينا فيشعر الإنسان أنه فى حاجة إلى التبول . وتطرد الكلى مع البول أية مادة لا تدخل فى التركيب الطبيعى للوسط الطبيعى الذى سبق ذكره أنه يشبه تركيب ماء البحر . فتُطرد السموم وبقايا الأدوية .. إلخ .
***************************************
وعندما يحدث أن تتلف الكلية ، فلا تفرز الكمية الزائدة من الصوديوم مثلا ، سيتركز هذا الصوديوم فى الأنسجة ، ويحتفظ بكميات زائدة من الماء فيتورم الجسم . وعندما تنقص كمية الصوديوم فى الجسم تحدث تقلصات وتشنجات وفقدان كمية كبيرة من الماء ، بسبب العطش المتزايد . لهذا كانت مقدرتنا على تحمل الجوع تفوق مقدرتنا على تحمل العطش . فإذا قل الماء إلى مستوىً خطر ، فسرعان ما يودى بحياة الإنسان .
************************************************** ***************************************
الفن القصصى فى أعمال الطيب صالح
كتابات .. يوليو 76

(لن تكون ثمة ضرورة لقطع الدومة . ليس ثمة داعٍ لإزالة الضريح . الأمر الذى فات على هؤلاء الناس جميعا، أن المكان يتسع لكل هذه الأشياء ، يتسع للدومة والضريح ، ومكنة الماء ومحطة الباخرة ) .
يحس المتابع للطيب صالح فى رواياته أنه يقف باستمرار عند نقطة التلاصق ، أو نقطة التوتر ، أو نقطة الالتحام والانفصام ، عند لحظة يكون فيها الماضى كأوهى ما يكون ، والمستقبل كأوهى ما يكون ، ذاك يقين كاد يسقط ، وهذا حلم كاد يتحقق ، فى لحظة الملامسة والملابسة يقف الطيب صالح ، هى لحظة لقاء الماضى بالمستقبل ، يتلامسان كما يتلامس طرفا جرح يكاد يلتئم ، هنا فى هذه اللحظة فى هذا المكان يوقفنا الطيب صالح فى وسط المجتمع السودانى ، فى أمكنة متشابهة فى أزمنة متباعدة .

تقرأ رواياته فتحس تلقائيا أنك انزرعت فى قلب قرية سودانية ، تعيش ظروفها ، وتتحرك فى مجاميعها ، وتجد نفسك ببساطة واحدا منهم ، فالطيب صالح يتيح لك فرصة تكوين الموقف ، أو يترك لك جانبا تشكل من خلاله موقفك . إنه يضعك فى الصورة مباشرة ، وبسرعة . .
لقد جسّم الطيب صالح صورة القرية السودانية فى ضمير قراء القصة العربية ، وأنطق فلاحيها ، وأنطق فلاحيها وأضفى عليهم من الملامح ما جعلهم اليوم شخوصا حية ، تعيش فى مشاعرنا وتكون جزءا من وعى قراء العربية . وعالم الطيب صالح متكامل ، كما أن فنه ميكامل . وأبرز ما فى فنه تعدد الجوانب وخصوبة هذا التعدد . فهو متجانس ومتنوع فى آنٍ واحد .وذو أبعاد كثيرة يمكننا أن ندرسها معا متكاملة ، أو ندرسها منفصلة . ويكننا أن ندرس كل أعماله على أنها وحدة واحدة .

(تكملة التحليل فى حلقات قادمة)



















آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 06-05-2019 في 11:14 PM.
  رد مع اقتباس