nagid jul 88
قواعد الإسلام ليست خمسا
احدى الثغرات الواسعة جدا فى تعاليم الفقه الإسلامى ، تتمثل فى اصرار الفقهاء على أن قواعد الإسلام خمس ، ليس بينها قاعدة واحدة لها علاقة بشؤون الحكم .فإذا شهد المواطن بأن لا إله إلا الله ، وصلى وصام ، وأخرج الزكاة ، وذهب إلى الحج ، يصبح مواطنا مسلما، مستوفيا لجميع شروط الفقهاء ، بغض النظر عما يحدث له وبغض النظر عما سيحدث لعياله .
نظرية القواعد الخمس لا تستند إلى نص القرآن .بل إلى حديث رواه صحابى يدعى أبا هريرة . وقد أتيح لها سبيل التطبيق العملى طوال أربعة عشر قرناحتى الآن ، قضاها بلايين المسلمين يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ، محاذرين أن تنهدم قاعدة واحدة من قواعد الإسلام . لكن حصيلة هذه التجربة الطويلة لا تقول تاريخيا سوى أن الإسلام نفسه قد انهدم منذ عصر بنى أمية ، وأن المواطن المسلم قد عاش مسلما - كما عاش المواطن الفرعونى فرعونيا - فى ظل أسرة اقطاعية مسلحة تبدد ثروته على أمراء العسكر ، وتحرمه من الضمان الاجتماعى ، وتقطع يده إذا سرق ، وتقطع رأسه إذا تكلم .
ولعل المنهج الحكومى المتبع حاليا فى كتابة التاريخ الإسلامى سوف يظل قادرا على اخفاء حجم هذه الكارثة عن أعين المسلمين أربعة عشر قرنا أخرى . ولعل معلم حصة الدين لن يتعب أبدا من تلقين " قواعد الإسلام الخمس " لصغار الأطفال ، آملا أن يصنع مسلمين من نصف الإسلام . ولعل وسائل القمع السياسى سوف تظل قادرة على تهيئة المناخ المطلوب لنمو مواطن مسلوب الإرادة ، مثل المواطن الذى تخاطبه نظرية القواعد الخمس .
كل الاحتمالات الصعبة واردة ما عدا احتمال واحد فقط لا غير : ذلك أن تنجح هذه النظرية الفقهية المصطنعة فى تطبيق الإسلام نفسه . فهذه نظرية ولدت أصلا فى غياب الإسلام . وقد ولدت بالقوة رغم أنف الفقهاء والمسلمين معا ، بعد أن نجح بنو أمية فى استعادة نظام الإقطاع ، واستبدلوا جيوش الجهاد بجيشٍ مأجورٍ محترف ، يقوده قتلة محترفون ، من طراز الحجاج بن يوسف وزياد بن أبيه . فقد بلغ من ولاء هذا الجيش لمذهب بنى أمية أنه قصف الكعبة بالمنجنيق ، وهدم بيوت مكة على رؤوس سكانها ، وصلب فيها حفيد ابى بكر الصديق ، وقتل حفيد رسول الله نفسه فى كربلاء .
وأمام هذا السيف القاطع ، كان على الفقه الإسلامى أن يختار بين طريقين . احداهما أن يموت الفقهاء ، والأخرى أن يموت الإسلام . ورغم أن كثيرا من الفقهاء قد اختار سبيل الشهادة والجنة ، فإن أغلبهم كان مضطرا إلى العودة إلى عياله فى آخر النهار . وقد انجلت المعركة خلال وقتٍ قصير نسبيا وعاد الخليفة زياد بن معاوية "الذى كان قد هدم الكعبة وأحرق أستارها" فجاء لأداء فريضة الحج على رأس وفدٍ من الفقهاء .
فى ظل هذه الظروف الطارئة كان على الفقه الإسلامى أن يكتشف صيغة جديدة للإسلام ، تتوفر لها ثلاثة شروط خاصة ، كل شرطٍ منها يناقض نصا صريحا من القرآن :
الشرط الأول أن تكون صيغة مطوعة للتعايش مع حكم الفرد . والقرآن يسمى الحاكم الفرد [ فرعون إنه طغى ] ، ويعتبره عدو الله شخصيا ، ويدعو إلى القتال ضده تحت راية الجهاد المقدس فى سبيل الله .
الشرط الثانى أن تكون صيغة لا تعترف بمسؤولية الناس عن شؤون الحكم . والقرآن يرفض هذه الصيغة جملةً وتفصيلا . ويعتبر الناس وحدهم هم المسؤولون عن شؤون الحكم . ويقول لهم كل يوم : " وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم "
الشرط الثالث أن تكون صيغة قادرة على ارضاء ضمير الفرد بغض النظر عما يحدث للجماعة . والقرآن يستنكر هذا الحل الكهنوتى ، ويعتبره تكذيبا سافرا بالدين نفسه ، فى نصوص صريحة ، منها قوله تعالى : " [ أرأيت الذى يكذب بالدين ، فذلك الذى يدعّ اليتيم ، ولا يحضّ على طعام المسكين " .
************************************************** **************************************
hilal jul 65
ما حقيقة الحياة فوق كواكب غير الأرض ؟
لكى نصل إلى إمكان وجود مخلوقات عاقلة فى الكون كان لابد أن نتعرض للموضوع من زوايا أربع .
الأولى : طبيعة الكون وكنهه وضخامته
الثانية : مركزنا فى هذا الكون
الثالثة : كيف تنشأ الحياة فى الكون
الرابعة : الأدلة والوسائل التى تقودنا إلى حكم صحيح
فلنلق أولا نظرة على ضخامة هذا الكون وكنهه ، ويحملنى الأسى وأنا اعلن أنك لا تستطيع أن ترى ، فالعين قاصرة . . ولا أن ترسم الصورة فى عقلك ، فالعقل قاصرٌ أيضا ! فلو أن العين البشرية تطلعت إلى السماء فى ليلٍ بهيم ، فإنها لا تستطيع أن تحصى أكثر من ثلاثة آلاف نجم فقط . . وليس هذا كل ما فى الكون .
فلتكن هناك عيون أخرى . . عيون من صنع بشر ولكنها أقوى من عيون البشر بملايين المرات . تجولت هى فى الكون وسارت فى أعماقه والتقطت أخبارا مثيرة وصورت مجرات تبعد عنا حوالى بليونين من السنوات الضوئية . والسنة الضوئية مسافتها ستة مليون مليون ميل .
*******************************
وعيون الأرض أو تلسكوباتها الفلكية أعطتنا صورة شبه واضحة للكون وما فيه من ملايين المجرات بما تحوى من ملايين النجوم . ولكى تأخذ فكرة عن عدد النجوم ، التى تُعتبر شمسنا نجما واحدا منها ، كان لا بد أن تتخيل . ومع هذا فإن العقل قد لا يسعه حتى مجرد الخيال !
فلو أن نجوم السموات قد تحولت إلى حباتٍ من قمح ، وأن هذه الحبات قد تساقطت وتجمعت فى كل الأراضى الزراعية فى جمهوريتنا ، فإنها ستغطيها بأكوام من القمح يصل ارتفاعها إلى ألف متر . والنتيجة أننا لن نرى الأرض فى هذه الأكوام الضخمة لضآلة مقدارها .
***********************************
ولا تظن أن هنالك مشكلة بسبب تكدس النجوم فى الكون فالمسافات التى تفصل بينها مسافات واسعة شاسعة لا تدركها الأبصار ولا العقول . . ولك أن تتخيل لو أن المحيط الأطلسى كان خاليا من أى كائنٍ حىٍ يسبح فى مياهه ثم أطلقنا فيه ست سمكات صغيرة ، كل سمكة من ساحل قارة فإن السمكات الست ستسبح فى حرية تامة وبعيدة كل البعد عن بعضها فى هذا الخضم الواسع من الماء . . فمجموعتنا الشمسية ما هى إلا سمكة صغيرة تسبح فى محيط مجرتها ويفصلها عن غيرها من النجوم مسافات كتلك التى تفصل السمكات الست فى المحيط . فهل استطعت أت تتخيل عظمة الكون الذى يحوى من النجوم ما لايقل عن ألف مليون بليون نجم حسب تقدير العالم الفلكى مارلو شابل ؟!
************************************************** **************************************
hilal nov 65
ابنُ الهيـــــثم

قبل زهاء ألف عام وُلد عالم عربى يعد من أعظم العلماء فى جميع العصور والأزمان . إنه ثالث ثلاثة سطعوا فى سماء الحضارة الاسلامية فى عصر يعد من أزهى عصور العلم عند العرب . أما الثلاثة فهم : ابن سينا والبيرونى وابن الهيثم . وأما العصر فيشمل الحقبة من منتصف القرن العاشر الميلادى إلى منتصف القرن الحادى عشر . . وقد وُلد الحسن أبو على الحسن ابن الهيثم عام 965 م - 354 هـ فى البصرة وعاش فترة طويلة من حياته فى القاهرة . وكان قد تم نقل العلوم اليونانية إلى العربية وتهيأت الأسباب لظهور هذا العالم المبدع الذى طبق ذكره الخافقين ، فبرز وسط شلة من العلماء يزدان بهم العلم فى كل عصر وآن ، من أمثال الكندى والفارابى والخوارزمى والبوزجانى والصوفى والبتانى والرازى وغيرهم . وقد اشتهر ابن الهيثم بمؤلفات عديدة فى الضوء ، والهندسة ، والطب ، والفلك ، والمساحة وغيرها . وتميزت بحوثه ودراساته باتباع الأسلوب العلمى الصحيح . وقد سبق ابن الهيثم " فرانسيس بيكون " فى الأخذ بالاستقراء ، وسبق " نيوتن " إلى الفكرة الميكانيكية التى علل بها الأخير انعكاس الضوء ، فهو من علماء الطبيعة الممتازين .