الموضوع: عديله
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2019, 03:04 PM   رقم المشاركة : 3
أديب
 
الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :سيد يوسف مرسي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 لا أعتقد
0 بيني وبينه حوار مخلصش
0 يا هوى

افتراضي رد: عديله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيد يوسف مرسي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   [ عديله ] قصة قصيرة بقلمي : سيد يوسف مرسي
كاد النهار أن ينتصف بعد وجبة من هواء بارد أشبعت الدنيا مرونة وانتعاشا ،وهي تداعب أطراف الشجر وتلعب بالأوراق ، مكثت جاموسة تحت ظل السدرة العتيقة تشتر في روقان وهدوء ، إلا من خربشة للعصافير بالورق فوقها وهي تتنقل على الأغصان منتعشة يطربها الهواء المندفع والذي يلعب بأغصان السدرة فيصدر منها تغريدها المنعش الذي يخدش سكون النهار ، مع أن هناك عنزتين راحتا تتجولان في هدوء وأمان تلتقطان أوراق السدرة الساقطة بهدوء وإفراط ،أخذتني أقدامي إلى حيث لا أدري ، فقد خرجت لأتنفس ,اعطي رئتي وصدري حماماً من الهواء البارد النقي ولأجد رحابة لأطلق زفيري المختزن تحت أضلاع صدري وأخرجه من حالة الكظم ، كنت قد أخذت حماما شبه بارد لأنعش به جسدي من خمول أصابه من فعل الحرارة التي لا تفارق الجدران حتى وقت متأخر من الليل والتي تلهب الساكنين بالديار ، ولذلك يلجأ الكثير من الناس إلى الخلاء يلتمسون نفحات من الهواء البارد بدلاً من الهواء الساخن الملتهب الذي يحرق الجدران قبل أن يحرق ما يقبع خلفها ،رحت أتحرك على غير هدف وهدى ..تسكعاً أقتل الملل وتتنفس رئتي داخل صدري ، وقفت على طرف الطريق ولا أدري أين تكون الخطى ،

***ا

كان ثوبي الذي أرتديه ناصع البياض يشد الناظر ويلفت العيون وقد قمت بكيه بيدي ودائما ما أحبذه دون غيره من الثياب عند الخروج ... لقد لا حت لعيني من بعيد على تلك الفتاة الممشوقة التي خرجت من باب دارها لعرض الطريق تحمل فوق رأسها قفة أو غلقاً ..وقد أخذني الفضول ورحت أتقدم وأقترب رويداً رويدا بغية التعرف على تلك الفتاة ...إنها (عديلة )بنت أم كحلاوي لتقدم بعض العلف لتضعه أمام الجاموسة التي تربض تحت ظل السدرة ، لقد استدرات تلك الفتاه واكتملت أنوثتها وقد شدها الثوب الأبيض العاكس للشعاع لتتحول (عديلة) ببصرها نحوي ،وتثبت في مكانها وهي تحدق لتتبين من هذا القادم الذي لفت نظرها واستوقفها ، أحسست وأنا أنظر إليها وأقترب منها أن (عديلة) قد رأت بي شيئاً مغايراً شد أنظارها نحوي في تلك اللحظة ، أو أن لديها شيء تود قوله لي ، حتى جعلتني أشك في هيئتي وملابسي فرحت أفتش في نفسي كي أجد شيئاً ! لكن لا وجود لشيء بي يلفت الأنظار نحوي ، إلا أن الدلال الذي راحت تفرضة علىّ (عديلة )، جعلني وأنا أقترب منها أكثر ، وقد كساني الخجل ووضعت وجهي في الأرض ولوددت أن أنحدر عن مساري لكن لاجدوى فرحت اقتربت منها ، وإذا (بعديلة) قد تسمرت في مكانها كأنها رأت شيئاً جديداً بي ، ورأيت أساريرها تنبسط وراحت في موجة لم أعتدها منها من قبل وكأنها تغني أغنية تروق لها ،،
(يا دا الهنا يا دا الهن) ا *** (النور جانا عندنا)
(يا دا النور يا دا الهنا ) ***(مين اللي مر بدربنا)
، كان صوتها رقيق حد النعومة ٌ وقد ألهبتني (عديلة بما فعلته) وقد وضعت ما كان على رأسها من علف على الأرض واقتربت مني شيئاً فشيئا حتى أمسكت بذراعي وطوقتني بذراعها حول رقبتي وأصبحت بداخله وهي تلتصق وتلامس جسدي وراحت تطوف بي وهي متعلق بذراعها ثم تنفض بذراعها عني وتطوف حولي وتقرب أنفها لتشم رائحتي . لقد فقدت المقاومة أمامها وأحسست بالضعف والمثول ولم أبد اعتراضاً عما تفعله معي ،لقد أخجلني (عديلة) وتملكني الخوف وخشيت أن يخرج علينا خارج من الطريق خارج أو ماراً أو تلتقطنا بعض العيون المتطفلة ،و زاد ذهولي وحاولت أن أهدئ من هذا الأعجاب المتدفق الذي لم أعهده من قبل ،لكن (عديلة) راحت في انبهارها ولم تعط لما قلت أو أبديت أي اهتمام وأهمية وإدراك ،
قالت عديلة : ( ايه الجمال ده ؟ )....(وأيه الحلاوة دي )
، وهي تتكلم بثقة وطمأنينة ولم تخش شيئا فيما تقول ...
قلت : وما الجديد يا عديلة ؟
قالت : شكلك .... منظرك ...(روقانك) ..... رقتك
ولا ... ريحتك التي شدتني وأخرجتني من جو الدار (عشان أشوفك )،
كان كلام عديلة بالنسبة لي عبارة عن مهاترة واستعباط وغرام ودلال مقصود . ققلت مازجاً الجد بالهزار (وأنتي مال أهلك ..؟ ) ولماذا هذا التطفل الغريب ؟ ، وكنت أعلم أن ( عديلة) قد نالت قسطاً من التعليم يؤهلها كي تفهم أي مفردة ألقيها عليها أو أوجهها لها ،
قالت عديلة : وهي تتجرأ لترد : (إذا كنت أنا مش مالي ....!) (ها) يبقى مال مين ؟ ..
قالت بصوت أُبدت فيه من الرقة والنعومة ما هدني وأحبط محاولتي الفرار والتخلص منها ، حتى وجدتها تقول لي ( أيه خبرك ..؟ )وما الذي غيرك ... ؟ ومن الذي جرى عشان دا كله ؟قلت بنبرة بها حدة ، كفاية (كدة بلاش مسخرة ربما أحد يسمعك) ...(أتردين أن نذهب ونروح في ستين داهية؟؟ )،،(أنتي عايزه أشتمك .....!)
نظرت عديلة بثقة ودلال ما كان العشم يا خالي...!
,ولا كنت أعرف أن الورود يتهان
وأخرجت ضحكة ناعمة وجرتها على شفتيها ،سابت على أثرها مفاصلي وركبي ،كأنها سقتني بالعمد كأس خمر أسكرني على الفور ، فتبعثرت أوصالي ومفاصلي ورحت لا أجتمع على عضو من أعضاء جسدي في مكانه وزاد الطين بله لما تحرك الهواء وهي تدير نفسها تحاذر من التراب المنقشع فأرادت أن تواري وجهها فإذا بالهواء يقشع عنها غطاء رأسها وتقف عيني على شعرها خلف ظهرها وهو مضفر ناعم قد انسال على ظهرها كذيل مهرة عربية لفارس أعدها لخوض عمار السباق حتى وقف على أردافها تداعبه الريح وتحركه ،
هنا صرخت بأعلى صوتي ... (عطشان يا صبايا دلوني على السبيل)
ولم تمهلني عديلة .......! فراحت تترنم بغنوتها
(عطشان يا صبايا دلوني على السبيل )
وإذا بي أجد نفسي لأكمل لها
(أدي السبيل قدامك يا مبدعن يا ليئم )...فتجيب عديلة ....(ميل واشرب واسقيني )
(ويشهد علينا الطير )،وقد فاتني في غمرة اللحظة وكنت لا أعتقد أن أسامة أبني يأتيني في تلك الساعة وتلك اللحظة ليوقظني با با ....بابا
الشغل فاتك يا بابا لقد تأخرت عن المعاد لأنتفض ويفر حلمي ولا أجد عديلة ....
بقلمي : سيد يوسف مرسي


تم التعديل والتمحيص












التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس