استعمال حرف مكان حرف أو كلمة مكان كلمة إنما هو من أسرار القرآن . مما جاء فى كتابٍ لأحد العلماء اللغويين سر التعبير بالفاء فى لفظ ( كلوا ) من قوله سبحانه فى سورة البقرة : " وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم " وعن سر التعبير بالواو لا بالفاء فى لفظ ( كلوا ) أيضا ، ولكن من قوله سبحانه فى سورة الأعراف : " وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم "
مع أن القصة واحدة ، ومدخول الحرف واحد ، قال رحمه الله : الأصل أن كل فعل عُطف عليه ما تعلق به تعلق الجواب بالابتداء وكان الأول مع الثانى بمعنى الشرط والجزاء . فالأصل فيه عطف الثانى على الأول بالفاء . ومنه " وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا " فإن وجود الأكل متعلق بالدخول . والدخول موصول إلى الأكل . فالأكل وجود معلق . بخلاف " وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا " لأن السكنى مقامٌ مع طول لبث . ووجود الأكل ليس معلق بوجوده . فلما لم يتعلق الثانى بالأول تعلق الجواب بالابتداء وجب العطف بالواو دون الفاء .
--------------------------------------------------------

فقرة من كتاب ( درة التنزيل وغرة التأويل )
للخطــيب الإســـكافى
ســــورة الكافـــرون
لا أعبد الأصــــنام لعلمـــى بفســــاد ذلك ، ولا أنتم تعــبدون اللـــه لجهـــــلكم ما يوجــب عليكم . ولا أعبد آلهـــــتكم لتعــــبدو اللــــه مناوبةً بيننا . ولا أنتم تعـــبدون اللـــه من أجــــل أن يكــــون ســــبقت منى عــــبادة آلهــــتكم . وذلك أن المشــــــركين قالوا له - صلى الله عليه وسلم - : اعــــبدْ ســـــنةً ما نعــــبدُ ، ونعبدُ ســــنةً ما تعــــبد . ونشـــرك أنت ونحن فى أمرنا كلـــــه . فقــــال فى الأول :
لا يكون منى عبادة الأصنـــام لعلمى ببطلانهـــا ، ولا تكــــون منكــــم عبادة اللــــه لجهــــلكم بأنه وحـــده الذى تحقّ له العبــــادة .
وقـــال في الثـــانى ما نفى العبـــادة التى دعــــوا إليها مناوبةً منهـــم . فلم يقـــع تكـــرار على هذا الوجــه . ولا على الأوجه الأخر التى ذكـــرنا .