الفــــرق بين اليابانى والمؤمـــــن
اليابانيون - وهــــذا على ســــبيل المثال لا الحصـــــر - أناس متقــــدون فى التقـــــنية والصــــــناعة المتطـــــورة الحــــديثة . ومع ذلك يمـــــتازون بأخلاق حمــــــيدة وتعــــامل راق مع الناس واحـــــترام للناس جمــــيعا . ويتعجــــب بعضـــــنا كـــــــيف تكــــون أخلاقـــهم هكــــــذا وهــــم لا دينيين ولا يؤمـــــنون بإلـــــهٍ ولابعـــــثٍ ولا بحياةٍ أخـــــرى ! إن الأخلاق الحســـــنة ليســــت وقـــفا على من يؤمــــــن بالله . والمقصـــود بالأخلاق الحســــنة هنا التعامـــــل اليومــــى بين الإنســـــان والإنسان الآخر . كأن يقابلـــــه بابتســـــامة ، ويقـــــدم له مســــــاعدة إن كان محتاجــــا لمســــــاعدة ، ويعـــــتذر له إذا أخطـــــأ فى شــــــيئ ، ويشــــــكره إذا قـــدم له أى خدمـــــة ، ويلــــتزم بدوره فى الصــــف إن كانت هنالك صـــــفوف ، و يلتزم بمواعــــــيده إذا أعطى موعـــــدا ، وينجـــــز بما وعــــــده من غير نقصـــــان إذا وعــــــد بشـــــيئ ..إلخ إلخ . هـــــــــذا هو الصـــــحيح أصــــــلا ، بغض النظــــــر عن الإيمــــان باللـــــه . إذن ســــــلوك اليابانى
طـــــبيعى وســـــلوك غيره ســـــلوكٌ غــــريب .
هنالك عامــــل مشــــترك بين المؤمــــن وبين اليابانى فى بعض الأمــــور الدنيوية . مثلا يحـــرص اليابانى على النجـــاح من مرحــــلة دراســــية لمرحلــــة دراســـية أخـــرى حتى يحقق تقدما . وكذلك المؤمن يحرص بنفس القدر على النجـــاح في مراحلـــه الدراســـيه . ولا دخل للبعث والحياة الآخرة هنا . كلا الشخصــان يذهـــبان للمســــتوصف إذا أحســـا بصـــداع أو بحمـــى ، ولا دخـــل للبعث والدار الآخرة هنا . كلا الشــــخصان يحرصـــان على غســــيل ملابســـهما وكيّهــــا ، ولا دخـــل بالبعث والحياة الأخرى هنا ، وهكــــذا .
أما الاختلاف الجوهـــرى بين الشخصــــين فيأتى عندما ينظــــر كلاهمــــا إلى الطـــبيعة من حولــــه . ينظــــر اليابانى إلى الطــبيعة على أنه وُلـــد فوجــــدها جبالا وســـهولا وســـماءً ونجــــوما وبحارا وأنهــــارا..إلخ وهى هكذا منذ الأزل وإلى الأبد . اليابانيون شـــعبٌ ملحد فلا تظـــن أن رســـالة الله لم تصـــلهم . إنهم يعلمــــون رســــالة الله جـــيدا ولكــــنهم ملحــــدون ، كـــكثيرٍ من الصـــينيين والروس . كلهم يعلمــون رســـالة الله ولكنهم لا يؤمنون بها . ليس هــذا المقـــال بصـــدد إيمانهـــم أو كـــفرهم فالناس أحرارٌ فى ذلك ، بل للحديث عن سلـــوك اليابانيين المتحضــّــر وتعاملــــهم الراقـــى مع الناس .
---------------
المؤمــن هو الأولـــى بأن يعامـــل الناس بمثل هـــذه المعاملــــة بل بأحســن منها . لأن المؤمـــن ليس قصـــير النظـــر مثل اليابانى أو الملحد عامــــة . منظـــور الحياة لدى الملحد بضـــع ســنوات فقط . هو ما تبقـــى من عمــره . ولكـــن منظــور الحياة لدى المؤمـــن هو الخلــــــود .