 |
اقتباس: |
 |
|
|
 |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر السلمان |
 |
|
|
|
|
|
|
في كلمة هسهسة شاعرية عالية المستوى لأنها تعني صوت الحلي وخاصة الأقراط حين تتحرك تحت أذني الجميلة فتحدثُ صوتاً يطرب بإيقاعه عشاق الموسيقى.. هذا للقرط فكيف اذا كان للخاطر ؟
(وطوينَ ثوبَ بشاشة ٍ أبلينهُ ** فلهُنَّ مِنْكَ هَساهِسٌ وهُمومُ)
إقتباس
ألا ليْتَ نفســــي لا تنـوءُبخاطري
ولا تُنْكِر الإحساسَ في عيْنِ شاعرِ
ويــا ليْتَ فجْري يبْعثُ النّورَ جذوةً
فيُحْيي بنبْضِ القلبِ فجرَ مشاعرِي
إذا أوجــــع َ الوجْدانَ دهْرَ مناوئٍ
سرى في دُجى صدري كطيرٍ مهاجرِ
فلا الرّوح يجثو ضوؤها بين أضلعي
ولا الجفن يخفـــي بالدّموع سرائري
إن حسن الألفاظ والتجنيس والنضج الإيقاعي وتوظيف الحركات وائتلاف حروف القصيدة في مخارجها تثير التشويق فينا وتدفعنا الى التأمل والتحايا لشاعرتنا الجميلة، وإن حركة النفس، وتنوع وثبات القيم الصوتية فيها والتزامها و حركة الدلالات النصية بوزنٍ واحدٍ يتّحد بنغماته وألحانه في النموذج الفني ويتجه صوب حركة الداخل التي تنمو وتتطور بفعل التواصل والتفاعل بين معظم مكونات النص، و نسيج علاقاته.
أما التوظيف الصوري والإيقاع المترنم ينهي وحدة البيت ليفسح لبيت آخر تصبُّ فيه الشاعرة جهاد أنفاسها بنغمٍ محسوب ليتحقق التطويع بين المبنى والمعنى، بين التصوير والتخييل بين التعبير والتركيب، وكل نوع من هذه الأبيات يعكس اسلوبا معيّنا وايقاعا مخصوصا يعتمد على الأذن الموسيقية الرهيفة للشاعرة. فتغدو القصيدة بالنسبة اليها مجمع أصوات، للفرد والمجتمع والمستويات الجمالية والفكرية.
إقتباس
فما بال شِعري لا يناجــــي قصيدَهُ
فيعصي لصوتِ البيتِ طيفَ مؤازرِ
فتبْدو الأماني ثغرُها فــــي سَحابةٍ
وقدْ نَزّهــا قلبــــي شُواظًا لناظِري
لأغفو بلا مـاضٍ كأنّـــــــي شريدةً
وعينُ زماني فـــــي مهبِّ الدّياجرِ
فما الّليلُ يُجْلي عنعيوني ظلامَهُ
ولا الشّمسُ تُغري الّليلَ كشْفَ السّتائرِ
ان حُسن وقْع الألفاظ، وجودة جَرْسها،(أي الإيقاع) والفاعلية الشعرية وائتلاف الحروف في مخارجها، والتجنيس الحسن وتوظيف الحركات الشعرية، كل هذا يعبر عن طاقة إيقاعية وثروة موسيقية ثرّة. مما يثير في المتلقي التشويق والفضول، ويدفعه إلى التأمل.
تنتقل شاعرتنا من أوجع الوجدان إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات وتفاصيل دقيقة في( لأغفو بلا ماضٍ كأنّي شريدةً) تستغل الشاعرة مكنوناتها في سبيل التخطيط لعنصر الموسيقى الذي هو الركيزة لعملها الفني عالمةً بأن هذه الصناعة تتداخل فيها (المعاني والكلمات والأوزان) وهي على علاقة وطيدة بالانفعالات النفسية ( فما الليل ... ولا الشمس)ولذلك أميل الى القول بأن الايقاع هنا قد تموسق بوتر ينبض داخل النص وفق مستويات التقبّل لدى الشاعرة ووفق حساسيتها الفكرية والنفسية، وإن العناصر اللغوية التي تتشكل منها هذه الأبيات تحظى من ثنائية رائعة في علاقة انسجام ووئام بما لاتحظى في أوقات عادية.
اقتباس
أُنقّبُ عنّي بيْن أُهزوجـةِ الجَوى
وظِلّي مرايــــــا قيدهِ كيد غابرِ
تراءى لأَجْفانِ الّليالـــــي أنينهــــا
ولا ضوءَ إلّا نارَهـا في الضّمائِرِ
ألوكُ النّدى بالفجرِ ظمآنـةً بهِ
ونيسان يُخفـي كلّ زهرٍ وطائرِ
وأوراق بُلدانــييئنُّ اخضرارها
ويبكي حمــــامُ الشّامِ نزْفًا لِناضرِ
وأغصان عمري قدْ تهاوتْ مرارةً
فأخشى اِحْتضاري بين حينٍ وآخرِ
قد أجادت الشاعرة في بحرها الطويل هذا النظام الذى يتناوب بموجبه مؤثر ما )صوتي أو شكلي) أو جو ما (فكري أو روحي)، (حسي أو سحري) وهو كذلك صيغة لعلاقات (التناغم، التعارض، التوازي، التداخل) إذن هو نظام أمواج صوتية ومعنوية و شكلية..
وبما أن الإيقاع في القصيدة هو العنصر الذي يميز الشعر عما سواه ومتوازنٌ في جرسهِ، فأن البنية الشعرية لاتبدو في بساطة تلك الظلال الجديدة لدلالات الألفاظ، بل إنها تكشف وتجسد بهذا الإيقاع خلقًا جديدًا متمازجًا بالفكر واللغة والرّموز والصّور والرّوح. وإيقاع الجمل التي تقوم بنيتها على أساس متين، وتقوم حركتها بتقديم تشكلات مقطعية؛ وفاعلية يخلق انزياحات إيقاعية.ثم إن توزيع الكلام في القصيدة الرائية بهذه الصورة هو نتيجة حتمية لطبيعة الأوزان التي تَنْظِمُه؛ مما يجعلنا نقول، انها إيقاعية مرئية، وهي إحدى السمات العفوية للإيقاع المرئي بامتياز.
اقتباس
فكم وخزةٍ قدْ قدّتِ الثّوبَ بالأسى
وكم زَفْرةٍ عاثتْ بروحِ البشــــائرِ
وكمْ مِنْ نزيفٍ أرهـقَ النَّفسَ حَسْرةً
وكم ليل ظُلمٍ مُسْتخْفِ البصـــــــائِرِ
أيا ماضيَ المخلوع كُرهًا لحاضرٍ
تخطّى الليالـي دونَ قصْمِ المنابرِ
خَنى الدّهرِ يسري في دمائي معاوِلًا
يُجاري الدُّجـــــى يأْبى خُنوعًا لِثائِرِ
كفاكَ مِراءً بالهُدى ليس فــي الهُدى
ركابٍ لبــــــاغٍ أو سبيـــــــلٍ لغادرِ
وهكذا يغدو عند جهاد مفهوم الشعر ذاته مفهوم خطاب نوعي تسهم كل عناصره في خاصيته الشعرية ويصبح التناغم الشكلي الذي يتضمن في رأيي إيقاع المفردات بالنظر إلى بنيتها المقطعية، وتبيان التناغم الذي تحدثه الظواهر الصوتية في بعض مفرداته جرساً موسيقياً يغنّى ويطرب كلّ ذي ذوق.
فالإيقاع هو الوعى الغائب/ الحاضر وله علاقة ثنائية بالأجواء الشعرية فهو يستحضرها و يبثها، وقد تَقصُر مقاييسُنا العلمية عن تحديد سرِّ الجمال فيه، وهذا القصور يبدو بصفة خاصة في الجمال الداخلي في الأسلوب الذي يعتمد على طريقة رصْف الكلمات بعضها إلى بعض؛ لأن وضْع الكلمة أو العبارة كثيرًا ما يُوحي بطرافة دقيقة، أو يُثير شعورًا بالجمال.
فالأسلوب الشعري لا يَصلُح له من العبارات إلا ما كان موزونًا، وله جرسٌ موسيقي، ولا يصلح له من العبارات أيضًا إلا ما كان جَزِلاً ورقيقًا؛ حتى يتحقَّق عنصر التهذيب والتأثير المرجوَيْن من الشعر. وقد حصل هنا.
بوركت شاعرتنا جهاد
بقي لي قول موجه للشعراء لطفاً لا أمراً عليكم ابداء الرأي والتنقيح اذا وجدتم بوزنه أو بحركاته هنّات.. فهذا ميدانكم.
|
|
 |
|
 |
|
يا لهذه المفاجأة التي أثلجت الروح والفكر، والتي لم أتوقعها أبداً من عملاق حرف وأدب وفكر وعلم ونقد..
أستاذي الرائع الكبير البارع المدهش
أ.شاكر السلمان المبجل
ماذا أقول في حضرة هذا الجمال وهذا الإبداع وهذه القراءة الواعية وتفكيك مفاصل القصيدة من رؤيا ثاقبة، وأبعاد مختلفة لا يدركها إلا خبير محترف.. وتوظيفكم للفكر والعلم الواسع من زاوية احترافية تشكّلت كلوحة منقوشة بألوان تعايشت مع النص حتى وصلت منتهى الدهشة والذهول..
ماذا أقول أمام لوحة جمالية أنتم من نسجها بحرير النقد وسبركم لأغوار النص بإتقان..
فقد اكتمل الحرف بتمرير ضوئكم عليه، حتى أزهرت السطور جمالاً بحضوركم المبارك، والذي سبر الحروف بالضياء والعبق..
تحليل وقراءة بارعة مميزة وجهد عظيم وارف الأناقة، يشيع الشروق بين السطور .
مهما تدفق من قلمي حروفا لشكركم يبقى نهر قلمكم أعظم شريان للقصيدة، فقد كان لمروركم وسام شرف في عنق القصيدة، وموسم حافل بالنور ، وذائقة قلمكم المضيء سدرة الجمال وكرم من بهاء مروركم الواعي الحكيم الذي رسم للحروف أبعادها الجمالية بهندسة نقد بارعة، وباستخراج إيقاعاتها وفق الحس الداخلي والخارجي لصاحبة النص..
لن أجد من الحروف شكرا أو امتنانا يكفي، إلا أن ترفع القبعة لفخامة قراءتكم، ولن أزيد على الثناء المبارك لكم إلا بقول:
جزاكم الله كل الخير
ووفقكم لما يحبه ويرضاه
وأسعدكم الله كما أثَرْتم الفرح بين السطور وبين الضلوع..
.
.
.
أعتذر وبشدة على التأخر على جماليات هذا النقد البارع، بسبب تدريسي في المخيم الشتوي، وبسبب وظائفي الكبيرة في الماجستير، لأنني طالبة سنة ثانية للماجستير في موضوع القياس والتقييم المدرسي، فكان علي الالتزام بمتطلبات اللقب من أبحاث ووظائف تحتاج جهدًا كبيرًا..
شكرًا لكم ولمنظومة نقدكم المختلفة والمتفردة في غرس أصول النقد وما فاض منها من قدرات إبداعية تثير كل فكر متلقي ومبحر في ثروات نقدكم العظيمةمن خلال تفكيكم لشيفرة النص وما تحمل بين ظلالها من خفايا..