سلامٌ إلى أرضِ الطفوفِ ومَنْ بها
ذرفتُ دموعَ الهجرِ في رسمِ حائلِ = وجاوبتُ نعيي في طلولِ المنازلِ
نأى كلُّ معروفِ الخِصالِ بجودهِ = وكلُّ عزيزٍ مِنْ أصولِ السَّلاسلِ
فلا النّجمُ يهدي ثاكلاً مُتحيّراً = ولا الندبُ يُغني عن طعونِ القساطلِ
أُخاطبُ أهلَ الدارِ هلاّ صَحبتُمُ = صبابةَ قلبي في مَسيرِ الرّواحلِ
بعثتُ بأشواقِ السنينِ لردْعِهِا = بكفِّ الأماني طالبِ للمناهلِ
تصابَتْ فزادَتْ في الفؤادِ شجونَهُ = ولمْ يردع ِ الخرقاءَ نصْحٌ لعاقِلِ
ووقعِ الأسى في القلبِ أعظمُ نكبةٍ = وأشرسُ مِنْ طعنِ العذولِ المقاتلِ
وما ذاك عن لهوٍ لها ودعابةٍ = سوى أنّ لدغاً مِن سُمومِ العواذلِ
فإنْ تعذريني فالصبابةُ ناقتي = أُحاولُ ذرفَ الدّمعِ نحوَ المُزائِلِ
إذا ما طيوفُ الشوقِ مرّتْ بليلتي = أهيمُ بوسطِ القيظِ مِن غير طائلِ
فكانَ سرابُ الصيفِ دربي وَمُنيتي = إلى كلِّ ركْبٍ قادمٍ غير َراحلِ
وما انفكَّ ذرفُ الدّمعِ حتى تورّمتْ = عيون ُثكولٍ مِنْ برودِ المَكاحلِ
وأجملُ مافي الكونِ عُمرٌ ذكرتُهُ = نواحيهِ خيرا ليس مثل َالأسافلِ
فما هيّجت ْفي النفسِ غيرَ التفكّرِ = ولا أشعلَتْ في القلبِ غير َ الرسائلِ
ولا زادَ شجوي في غيابِ أحبّتي = إذا القومُ بانوا كالنعامِ الجوافلِ
وإنّي لمنْ نسلِ الكرامِ شمائلي = أطوفُ بأصدافي كريمَ الأناملِ
وَعُذْتُ بربِ الكونِ مِنْ كلِّ عاذلٍ = يدوفُ نجيعَ السّمِ في قرصِ غافلِ
ومِنْ حاسدٍ غِلَّ الفؤادُ بعينِهِ = ولمْ يشكُرِ الرحمنَ في كلِّ نائِلِ
أماطتْ عيونُ الصُّبحِ عنهُ مَعاولاً = فأمْسى جَحوداً مُعْرِضاً كالمُخاتلِ
فما أخفتِ الأيامُ غلاً لحاقدٍ = كما أنها لم تُبقِ وصلاً لقاتلِ
أماطَتْ ستارَ الغدرِ عنْ كلِّ جاحدٍ = تنكّرَ جهراً عنْ عظيمِ الخصائلِ
فلا زالَ في الدُّنيا جحوداً لأحمدٍ = تقدّمَ ظُلماً في صُروحِ الأوائلِ
فإنْ تكُ تيمٌ قدْ أُجيزَ عِقالُها = على كلِّ صنديدٍ نقيِّ التفاضُلِ
فواللهِ ما ساوى مِنَ الرّملِ ذرّةً = لخيلِ كرامٍ في وطيسِ الجحافِلِ
فأيُّ نزالٍ خاضَهُ ببسالةٍ = إذا اختَلَفَ الرُّمْحان يومَ الجلائِلِ
فما أنجَبَتْ تلكَ الحروبُ أرانباً = ولا ماعزاً بين الأسودِ البواسلِ
تراها ليوثاً مِنْ عرينِ الضراغمِ = إذا الناسُ شدّتْ صدْرَها بالغلائِلِ
فما أبقتِ الآلامُ عُذراً لعاذرٍ = إذا كانَ ردُّ الدّينِ مِنْ غير طائلِ
وما تركَ الدّهرُ الخؤون لأمّةٍ = منابرَ وحيٍّ واضحاتِ المنازلِ
سوى ثاكلاتِ قدْ حبسنَّ مدامعاً = مِنَ القلبِ للأحزانِ عندَ الأماثلِ
إذا لمْ تكنْ عندَ الحسينِ مُكدّراً = وخاصَمْتَ فيهِ كلَّ باغٍ وباطلِ
ذهبتَ فلا أُنسٍ لديكَ ولا ارتوى = فؤادُكَ كأساً مِنْ عطاءٍ ونائلِ
فكنتَ وكانَ الحشرُ أقربَ ساعةٍ = إلى كلِّ جبارٍ وطاغٍ وسافلِ
فلا العبدُ محزونٌ ولا الحرُّ باسمٌ = ولا جحفلٌ يُفدي بيومِ التجادُلِ
فواللهِ مارقّتْ عليكَ محاجرٌ = وقُبّحْتَ في دهرٍ كثيرِ التخاذُلِ
فلمْ يبقَ راجٍ لمْ ينَلْ بعطيّةٍ = ولمْ يبقَ ناعٍ لمْ يفُزْ بالمقابلِ
فقُرّتْ قلوبٌ قبلُ كانتْ ثكولةٌ = ونالتْ عطاءً مِنْ سخيٍّ الأناملِ
تطوفُ بنا الدُّنيا وفكرُكَ ثابتٌ = ولا مبداُ يبقى لكلِّ الدواخلِ
فواللهِ ما ترضى دماؤكَ ذلّةً = مِنَ القومِ إلاّ بعدَ خسفِِ الذوابلِ
فكنتَ على أرضِ الطفوفِ رسالةً = ونكّسَ خزياً رأسُ كلُّ مُخاتلِ
تجلّيْتَ فانزاحتْ طغاةٌ وأُرمِستْ = علوجٌ وأمسى قائداً كلُّ عادلِ
أبى الطّفُ إلاّ أنْ تكونَ مُخلّداً = ولو كانتْ الأحقادُ ملءَ المكايلِ
يمرُّ عليهِ الحاقدون وتنجلي = غمامةَ صيفِ عندَ عزفِ البلابلِ
سلامٌ إلى أرضِ الطفوفِ ومَنْ بها = إلى كلِّ ليثٍ مِنْ عرينِ البواسلِ
تفيضُ دموعي والحشا مُتحرّقٌ = إليكَ اشتياقيِ بعد كلِّ التواصلِ
دبي – 18/ 12/ 2021 السبت 13 جماد 1443 هـ أبو حسين الربيعي
الطويل