شبابُ المرْء يذْهبُ عنْه يوْمًا...........فيتْركُ خلْفه شرَّ اكْتئاب
ظُهورُ الشَّيْب يُجْبرُ حين يَبْدو..لدى المرْء الشَّبابَ على الذَّهاب
و مَنْ ظنَّ الشبابَ يعودُ يومًا..........تنكَّرَ للرّزانة و الصَّواب
إذا ولَّى شبابُ المرْء يوْمًا..............فليْسَ له بَتَاتًا منْ إياب
شَبابُ المرْء مَحْمودٌ فَفيه............يحقِّقُ ما يريدُ من الرّغاب
و مرْحَلةُ المَشيب يطلُّ فيها.....على المرْء الضّنى منْ كُلِّ بَاب
و تصْعبُ غالبًا شتَّى أُمُورٍ.........و كانتْ سابقًا طوْع الجِناب
سَيغْزو الشَّيْبُ يومًا كلَّ رأسٍ............فما شاهدْتُه أبدًا يحابي
يظلُّ الشيْبُ مَكْروهًا ذَميمًا........و لو تمَّ اللجوءُ إلى الخضاب
يحسُّ المرءُ دوْمًا حينَ يَبْدو..........لديه الشيْبُ يومًا بارْتعاب
و تجْتنبُ الغواني كلَّ شخْصٍ.........تولَّتْ عنْه مرْحلةُ الشبابِ
وَ لوْ بقيَ الشبابُ لظلَّ طبْعًا...........جَديرًا باقْترابٍ لا اجْتنابِ
إذا انْجاب الدُّجى صُبحًا فإنِّي....رأيتُ دُجى المَشيب بلا انْجياب
يظلُّ الشيخُ يَشْكو منْ حَياةٍ........توارى صفْوُها خلْفَ الحِجاب
فلا يرْتاحُ منْ أضْحى وَحِيدًا......و عنْ ماضيه يشْعرُ باغْتراب
يرى أيَّامَه بعْدَ ازْدِهارٍ ...............تَميلُ كنجْمةٍ نحْوَ احْتجاب
و لوْ دام الشَّبابُ لدامَ زهْوٌ.......و ظلَّ الشيبُ في كنَف الغياب
يحسُّ الشيخ دومًا باشْتياقٍ..........إلى عهْد الشَّبيبةِ و الشَّباب
زمانٌ كان فيه العيْشُ عذْبًا.............لذيذًا كالطعام المسْتطاب
زمانٌ كان فيه الوقْتُ يمْضي.......بِلا أيِّ اعْوجاج و اضْطراب
فكنْ حذرًا فإنَّ الشيْبَ يَبْقى...........نَذيرًا عنْ حياتِكَ بالذهاب
و لا تغترّ في الدنيا بشيْء...........فإنَّ الدَّهرَ دوْمًا ذُو انْقلاب
يخالفُ مَنْ يظنُّ بأنَّ حالاً............سيبْقى ثابتًا عينَ الصواب
فَما بعْد الضِّياءِ سوى الدَّيَاجي..ومَا بعْدَ الحُضُور سِوى الغِياب