خَبَا الشَّوْقُ مِنْكَ وَقَدْ كَانَ نَارَا
وَقَلَّ السَّلَامُ فَصَارَ اخْتِصَارَا
وَكُنْتَ كَطِيبِ نَسِيمِ الصَّبَاحِ
أُطَوِّعُهُ يَمْنةً أَوْ يَسَارَا
وَكُنْتَ تُبَاهِي نُجُومَ السَّمَاءِ
بِحُبٍّ تَضَاءَلَ حَتَّى تَوَارَى
وَمَا جَدَّ مِنِّي جَدِيدٌ فَإِنِّي
كَعَهْدِكَ بِي جَفْوَةً وِنِفَارَا
وَأَنْتَ رَضِيتَ عَلى سُوءِ طَبْعِي
إِخَائِي فَكَانَ الإِخَاءُ اخْتِيَارَا
وَأَعْلَمُ أَنِّيَ لَسْتُ جَدِيرًا
بِمَنْ ظَنَّ هَذَا الحَدِيدَ نُضَارَا
وَأَعْذُرُ خِلًّا رَمَانِي بِكِبْرٍ
وَأَنِّيَ أُعْرِضُ عَنْهُ احْتِقَارَا
كَذَلِكَ تَبْدُو تَقَاطِيعُ وَجْهِي
وَبُعْدِي عَنِ النَّاسِ إِلَّا غِرَارَا
وَتَعْلَمُ أَنِّي صَدَقْتُ الإِخَاءَ
وَبَيَّنْتُ سُوْءَ طِبَاعِي جِهَارَا
فَظُنَّ كَمَا شِئْتَ كَمْ مِنْ لَهِيبٍ
تَجَلَّى الظَّلَامُ بِهِ وأَنَارَا
أَلِفْتُ تَلَوُّنَ هَذَا الزَّمَانِ
وَمَا زَالَ أَهْلُوهُ مِنُهُ حَيَارَى
فَكَمْ مَرَّ بِي مِنْ مَآسٍ وَكَمْ
تَجَرَّعْتُ مُرَّ الحَيَاةِ مِرَارَا
فَوَطَّنْتُ نَفْسِي لِغَدْرِ اللَّيَالِي
ولَمْ أَرْجُ مِمَّنْ جَفَانِي اعْتِذَارَا
وَلَكِنْ نَدِمْتُ عَلَى حُسْنِ ظَنِّي
فَأَعْقَبَنِي خَيْبَةً وانْكِسَارَا
فَعَمَّا قَلِيلٍ أَصِيرُ لَرَبٍّ
عَلِيمٍ بِأَنِّي جَفَوْتُ اضْطِرَارَا
كَأَنَّ وِصَالَكَ حُلْمٌ وَوَلَّى
فَأَرْخَى عَلَيهِ الزَّمَانُ السِّتَارَا