هَذَا ابنُ عَمِّكَ فَاقَ النَّاسَ مَرْتَبَةً
وَأَصْبَحَ اليَوْمَ مِلْءَ السَّمْعِ وَالبَصَرِ
وَكَادَ يَبْلُغُ آفَاقَ السَّمَاءِ غِنًى
فِي عِلْمِهِ الجَمِّ أَوْ فِي ذِكْرِهِ العَطِرِ
وَأَنْتَ مَازِلْتَ لَا ذِكْرٌ وَلَا شَرَفٌ
ضَيَّعْتَ عُمْرَكَ فِي جَرْيٍ بِلَا ظَفَرِ
هَذَا ابنُ عَمِّكَ يَعْلُو بَعْدَ خِسَّتِهِ
وَأَنْتَ تَنْحَطُّ مِنْ عَالٍ لِمُنْحَدَرِ
طَارَتْ مَحَاسِنُهُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَأَنْتَ كَالفَرْخِ لَمْ تَنْهَضْ وَلَمْ تَطِرِ
تُرْغِي وَتُزْبِدُ بِالآمَالِ كَاذِبَةً
هَلْ يُثْمِرُ الزَّرْعُ مِنْ رَعْدٍ بِلَا مَطَرِ
زَعَمْتَ أَنَّكَ فَذٌّ لَا مَثِيْلَ لَهُ
لَأَنْتَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللهِ فَاسْتَتَرِ
إِنْ كَانَ يَسْهَرُ فِي جِدٍّ وَفِي تَعَبٍ
فَأَنْتَ تَقَوَى عَلَى اللَّذَاتِ بِالسَّهَرِ
لَكِنَّهُ دَائِبٌ فِي العِلْمِ مُجْتَهَدٌ
وَأَنْتَ لَاهٍ مَعَ الأَصْحَابِ فِي الهَذَرِ
يَا خَيْبَةَ العُمْرِ كَمْ أَنْفَقْتُ مِنْ ذَهَبٍ
وَلَمْ أَجِدْ لِجُهُودِي فِيكَ مِنْ أَثَرِ
قُمْ وَاكْتَسِبْ مِثْلَهُ عِلْمًا وَلَوْ طَرَفًا
فَقَدْ رَضِيتُ مِنَ العَيْنَيْنِ بِالعَوَرِ
يَا قَبَّحَ اللهُ صَحْبًا تَسْتَعِينُ بِهِمْ
مَاذَا أَفَادُوكَ غَيْرَ العَجْزِ وَالخَوَرِ
شَتَّانَ بَيْنَ خَدِينِ الكُتْبِ يَعْشَقُهَا
كَأَنَّ مَنْطِقَهُ دُرٌّ مِنْ الدُّرَرِ
وَمَنْ يَقَطِّعُ كُلَّ العُمْرِ فِي لَعِبٍ
شَتَّانَ بَيْنَ أُسُودِ الغَابِ وَالهِرَرِ
لَا دَرْبَ لِلْفَخْرِ غَيْرَ العِلْمِ تَسْلُكُهُ
وَهَلْ يُفِيدُ الفَتَى عِلْمٌ عَلَى كِبَرِ
غَرَسْتُ غَرْسًا وَأَمَّلْتُ القِطَافَ غَدًا
فَكَانَ كَالعَوْسَجِ البَالِي بِلَا ثَمَرِ
يَا خَامِلَ الصِّيْتِ لَا عِلْمٌ وَلَا أَدَبٌ
رَجَوْتُ حَتَّى مَلَلْتُ العَيْشَ مِنْ ضَجَرِي
لَنْ يُثْمِرِ الغَرْسُ إِلَّا وَانْقَضَى عُمُرِي
لَمْ أَقْضِ مِنْ أَمَلِي فِي أُسْرَتِي وَطَرِي
سَوَّدْتَ وَجْهِيَ بَيْنَ الأَهْلِ قَاطِبَةً
جَعَلْتَنِي عِبْرَةً فِيهِمْ لِمُعْتَبِرِ