الموضوع: عرس الأموات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2025, 08:22 PM   رقم المشاركة : 2
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية تواتيت نصرالدين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :تواتيت نصرالدين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: عرس الأموات

عرس الأموات / حكاية جميلة بسرديتها المحاطة بكل التفاصيل
تقبلي تحياتي ودمت في رعاية الله وحفظه

*********

عرس الأموات


من قصص ورويات

تمر بحياتنا بين اليقين والخيال

قصتى الأولى


عندما تختلس الحياة بعضاً من رمادها

من يوقف تدفق الذكريات

التي تورث في الروح حسرة

من يمد يديه

ليوقف غليان دماغك

من تتابع الاحداث والأشخاص

والعوالم المنبثقة من فكرة

من ينقذك حين تقرر الحياة

أن ترحل بك إلى عالم طفولتك

حيث تلاحق حلما بريئا

وتطارد فراشة ملونة

ما ان تغمض عينك لتمسك بها

تستحيل في روحك كــ أنها لسعات نحل؟

كنت صغيرة جدا حين فقدت قدرتي

على مواجهة الحياة بمنطقها

فأنا أساوي واحدًا

وحين التقيت أول صديقة لي صرنا ثلاثة

وحين أمسكت يد من أحب صرنا واحدًا

وحين افترقنا تشظيت لعشرات

اذكر المرة الأولى

التي عرفت فيها الخوف كانت

عندما اختلست النظر لعرس جارتنا رحاب

قيل إنني فقدت القدرة على الكلام لأيام

كمن أصابه مس من الجنون بعدها

وها أنا ذا كلما صادفت فستان زفاف

أصابني عطل في قلبي

من أشعل جذوة الروح الآن ... ؟

بعض الأشياء غير قابلة للتحقق

لكنها قابلة للرغبة والتخيل

والحاجة الملحة لتحقيقها

هذا ما قالته أمي و تربيت على كتفيها

حاولت جمع شتاتي

وأنا أضع آخر لمسات الزينة على وجهي

لا مجال للحب أن يكون كما يشتهي

وسنظل غارقين في سحره

مشدوهين له منحازين إليه بكل أوجاعنا وآلامنا

أسدلت أمي الطرحة على شعري بزهوّ وحرص شديد

تحسست الطرحة بيدي

أصابتني رعشة كالموت

وقد انفجر في عيني صوت أمي وهو يبرق ويرعد

ويسحبني من تحت شباك بيت أم رحاب إلى الفراش

وتسحب بحركة غاضبة الغطاء على وجهي لأنام

ترى هل تغار أمي أيضا من رحاب ؟

أغمضت عيني حينئذ في محاولة للعثور

على حاستي السادسة

علها تساعدني على استراق السمع

تصدح الأهازيج والزغاريد

من منزلها غدا عرس رحاب ترى كيف هو فستانها ؟

كل فتيات الحي يغرن من جمالها الفتان

وقدها المياس وعينيها العسليتين

وشعرها الحريري

قيل بأن خطيبها رابط ثلاث ليال

عند باب منزلها حتى وافقت

وقطع سبع قارات ليصل إليها

وغاص لأعمق نقطة في البحر لإحضار خاتمها

الذي قيل أنها أوقعته لاختبار حبه

توالت روايات كثيرة عن مدى حبه وهيامه بها

تقول نسوة الحي إن والدة رحاب

لا تكف عن تعليق التمائم في منزلها

خوفا وتحيطها كل ليلة

باشكال لا حصر لها من

التحويطات والتعليقات والخرز الأزرق

ليتني أصبح بجمالها وحين أكبر

أريد فستانا بأكمام منتفخة

وذيلا طويلا وتسريحة شعر مرتفعة وتاج كبير جدا

وهكذا حتى أصابت فراشي عدوى حماستي

وظل يتراقص بي بانتظار أن يحل مساء الغد

وأنا أفرك عينيّ من أثر خيوط الشمس الناعسة

سألت أمي التي لم استطع

تفسير ملامح وجهها المذهولة

هل بدأ العرس باكرًا؟

لم تجب وقد بدا تحجر الدمع في عينيها من أثر الذهول

تحركت ببطء شديد وبهدوء بالغ أغلقت الباب خلفها

تجمهرت نساء الحي في منزل أم رحاب

وحده صوت أم رحاب يصدح بالزغاريد والأهازيج

في حلقات ثابتة بينما النسوة حولها تسمرن

في مكانهن قبل أن تصرخ في وجوههن ليساعدن رحاب

على إتمام زينتها ويشاركنها الرقص والغناء

لم يطل الوقت حتى علت أصوات اختلطت بين الدمع والزغاريد

تناهى إلى سمعي أصوات النسوة المتعثرات بدمعهن المتجهات

إلى منزل أم رحاب أقسمت أن تلبسها فستان الزفاف

وتزينها وتزفها بالورد

هرولت مسرعة وقد أدركت

بدأت مراسم الزفاف باكرا أخذت اركض قبل ان تفوتني

فرصة رؤية فستان رحاب

جمعت بعض الحجارة

التي ستمكني من الصعود فوقها لتتضح لي الرؤية

وأنا ألعن عادة عدم اصطحاب الأطفال

كانت المرة الأولى التي عرفت فيها الخوف

عندما اختلست

النظر لعرس جارتنا رحاب

وها أنا ذا كلما اقتربت من النافذة لأراقب

موكب زفاف صاخب

يصيبني عطل بقلبي يوقفني بلا حراك وسط الشارع

جموع النساء بين أهازيج وبكاء

وصخب الزغاريد فتجمهرن ا
أمام بيت رحاب

وأنا ما زلت اختلس النضر من شبك غرفة رحاب

اعترانِي الخوف مشدوحة ارقبها وتوشحنى الذهول

إنها أول مرة أرى فستان زفاف والطرحة والتاج يعلوها

كنت مذهولة

وانا استرق السمع واختلس النضر

قالت لهن عندما انتهين من ترتيب فستان الزفاف

أخرجن لبرهة وكــ أن الوحي لامسها

وتيقنت ماذا سيحدث معها

فخرجن وأغلقنا باب غرفتها

ولحظات تقاطر من وجنتيها وكــأنه الندى يلمع

وسقطت على الارض مغشية

كانت تلك اللحظة الاخيرة

التى آرى فيها رحاب

وكانت السماء تمطر رذاذاً وكـ أنها بكت رحاب

فبدأت فى الصراخ صدح حتى وصل التلال

فسمعن صراخى وبداء العويل والبكاء

وانهارت أم رحاب مغشية

فارقت الروح الجسد إلى بارئها

وانقلبت افراحهم أتراحا وعويلا وبكاء

وأصاب خطيبها الجنون وكتب على بيت اشتراه لرحاب

عرس الأموات


من أثير قلمي

روزانا السعدي













التوقيع

لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 02-06-2025 في 07:09 PM.
  رد مع اقتباس