الأخت الكريمة وطن..
تحية تقدير لموقفك المرحب بالقصيدة وصاحبها ..
نعم إن عروبتنا مداسة بأقدام المعتدين والمتآمرين
من خارج الأرض ..ولكننا نحن كذلك طرف
فعال في هزائمنا بتخاذلنا وتهاوننا في
حق ما سيسجله التاريخ في شأننا ..
وإن يكن هناك مجال للتفاؤل فنحن لا نريد أن ننفيه ولكننا لا
نطمح إلى ضرب من التفاؤل الذي يعوق عن قراءة هذا الواقع المهزوم..
شرفتني أختي العزيزة بما أبديت من ملاحظات ..
وفي ما يخص التضمين فليس لي أن أقنع القارئ به لأنه
أصلا ليس عيبا
بل أراه يساعد على انسيابية الفكرة بين ثنايا النص الشعري ويمدها
في مساحة أكبر من حجم البيت الواحد..
وقد قال أبو نواس :
"إلى أن طرقنا بابها بعد هجعة ** فقالت :من الطراق ؟قلنا لها :إنا
شباب تعارفنا ببابكِ لم نكن ** نروح بما رحنا إليك فأدلجنا"
وقال بشارفي قصيدته المشهورة التي مطلعها:
"وذات دل كأن البدر صورتها**باتت تغني عميد القلب سكرانا:
إن العيون التي في طرفها حور **قتلننا ثم لم يحيين قتلانا"
إلخ..
وكل القصيدة على هذا النحو من التضمينات المتعددة.
وهاك المتنبي زعيم العروبة بلا مراء في مدح
عبد الرحمن الأنطاكي:
"..كأنها من سعة في هوجل**كأنه من علمه بالمقتل
علّم بقراطَ فصاد الأكحل
فحال ما للقفر للتجدّل**وصار ما في جلده في المرجل
فلم يضرْنا معْه فقد الأجدل**إذا بقيتَ سالما أبا علي
فالملْك لله العزيز ولي"
هل رأيت هذا التنويع عند أبي الطيب بما جعله سابقا لعصره وكأنه ينظم على
الطريقة الحديثة وما بطل ذلك إلا التضمين..
فهل اليوم بعد قرون ما زلنا نضيّق على الشاعر باعتبار
التضمين من عيوب الشعر؟
ودي واحترامي
صلاح داود