سألتْ عنِ الأحوالِ ، قلتُ لها اصبري
ما زلتُ من سهم الغرام مُصابا
بعد أن إستعرضنا الأبيات الثلاثة الأولى ، وما فعلت الصورة وفعل الصوتُ في الشاعر ، يأتي البيتُ الرابع في تسلسل جميل لينقلَ لنا المشهدية الجميلة ، المشهد الذي كان المتلقي ينتظره ، وهنا يأتي الحديث ...وكان الحديث سيأخذُ مَنْحى الحوار لولا تدخل الشاعر ، فيبدأ الحديث بصورة الحوار بتوظيف كلمة ( سألت ) ، ولا يخفى على القارئ الفَطِن أن السؤال يتبعه الجواب ، وأن السؤال والجواب يجتمعان ليُشكّلا الحوار ، وأجاد شاعرنا حين نقلَ لنا صورة الحديث في سؤالها عن الأحوال ، لينقلنا لمكان الحدث ويجعلنا ننظر للمشهد ...وها هي هذه الحسناء شأنها شأن أي شخص يبدأ بالحديث تبدأ بالسؤال عن الأحوال ، وهي أسئلة وضعها الإقتباس بين شفاهنا ، وحفظنا هذا الإرث من سلفنا ، فنحن حين نلتقي الآخر ونبدأ بالحديث ، لا بُدَّ لنا من أن نُعرّج على إستخدام كلمات وعبارات وكأننا نحفظها عن ظهر قلب مثل : كيف الحال ؟ ما هي الأخبار ؟ وتكون الإجابات محفوظة ومكررة وعتيقة لا طعم لها ولا رائحة ، إنما هي محضُ مُقدّمات ألفناها وباتت محور بدايات حديثنا اليومي ...لكنَّ الشاعر عبد الرسول ، وأمام سحر هذه الجميلة ، يتمرد على المألوف والموروث ويطلب من فاتنته أن تَكُفَّ عن هذا الكلام والأسئلة ، لأنه ما زال تحت تأثير سهام العيون التي أصابته...وهنا يلجأ الشاعر لتقديم صورة بيانية غاية في الروعة حينَ شبّه الغرام بالرامي بالقوس وحذف المشبه به وأبقى شيئاً من لوازمه على سبيل الإستعارة المكنية ...
يتبع بحول الله