الموضوع: نجوى القمر
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2010, 03:58 PM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية عبد الله راتب نفاخ






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عبد الله راتب نفاخ غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 ثم آلت إليه
0 قبضت عليكِ
0 فداء

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي نجوى القمر

نجوى القمر


عندما أجلس إلى نفسي أذاكر وجهك
فمذ كنت صغيراً كان يرسم لي الأحلام ، و إلى اليوم ما زلت لديَّ ذلك اللؤلؤ المكنون الذي يشعل سراج الحب في تأمل الليل ، و يضيء درب العشق في سكينة قلبه المفتوح .
القلب يغمره لاأمل ، و أنت تبسم له من وراء الفضاء لتشد من أزره المكلوم بهموم الدنيا و جروح الحياة ، فتغسله بأشعتك النورية ، و تذيب و تصهر كل ذنوبه لتنحط عنه قطرات من ألم يائس ، و يعود طفلاً طاهراً خارجاً من بطن أمه مشرقاً للحياة ، غير حامل شيئاًَ من أرجاسها و أنجاسها .
تطهرنا ، و تنقينا ، و تفرغ من أنفسنا أدواءها ، و تصلنا بعالم الأزل كلما جرفتنا بعيداً عنه سيول الحقد و الكره و الرتابة و تكاليف الحياة .
تتلاقى على مهدك أطوار الوجود بين الخلق و التكوين ، و تشرق عليك آلاء السماء و أنوار الكواكب التي تتجلى في تسبيحها الدائم لخالقك العظيم .
آلاف السنين كنت موئلاً للأرواح الضائعة ، بنظرات قلايلة إليك يرقى المرء سلم العلياء ليغدو كأنه في عالم و جسده في غيره ، يحلق فيك و يسبح في الدنيا التي تخلقها في النفوس ، و أنت لست سوى أحجار التأمت فصنعت نجماً سابحاً في الملكوت الكبير .
أيها القمر .... يا إعجاز الخالق في خلقه ، من أي شيء رُكِّبتَ و كيف صُنِعتَ ؟؟..... تلوح من بعيد فتسلب العقول رصانتها ، و تكسر صولجانها الأثير ، و تعلن تمرد القلوب عليها ، و تهتز لك الصدور فيتمزق نير الرغبات داخلها ليفيض مذاب الفضة الشاعري ، المنهل من نبع السموات فيغمر النفوس كلها بعطره و كلفه و عشقه ، و زئبقه الذي يفتت أصنام المادة ، و يحرر من أصفادها حمائم الروح .
أيها القمر ..... كم أطللت على الدنيا ، و شهدت السفاحين في جبروتهم ، و الفقراء في ضيقهم ، و الأنبياء في دعواتهم ، و العباد في خلواتهم ، و الخائفين في فزعهم ، و الساكنين في طمأنينتهم .
كم أطللت على الدنيا ، فساءك منها ما ساء ، و سرك منها ما سر .
فبحق ربك عليك ، أبكيت قدر ما ضحكت ، أفرحت قدر ما حزنت ، أشهدت مما يبهج النفوس كما شهدت مما يشجيها .
أرأيت مما يسر الخواطر قدر ما رأيت مما يمزق الأفئدة ؟
أكان من رنا إليك من الشعراء و المتألهين و الأدباء قدر من بقيت رؤوسهم غائصة تحت الرمال ، لأنهم لا يملكون ، بل لا يعرفون كيف يرفعونها ليغتسلوا بنورك .
أكان من آذوك بما شهدت من شرهم و نزقهم قدر من سروك بعطر خيرهم و ألق نبلهم ؟
أكان من تلألؤوا تماثيل من العاج صفاء كمن تجمدوا لفرط تحجر الإنسانية في وجدانهم ؟؟
أيها القمر .... يا من شهدت مصرع الإنسانية مراراً على أيدي أبنائها ، و شهدت تدفق مائها من بعد من نبعها الخالد الرقراق .
أكنت بعد كل هذا تأمل أن تغير مكانك ، و تنزل لتكون بيننا تسعى لتغيير ما تراه من عليائك فلا تحتمل رؤيته ، أم تفضل أن تظل لابثاً تطل من حيث أنت على معارك الدنيا التي لا تنتهي ، و مجازر الخير و مصارع الشر ، و نيران البغضاء و ماء الحب ، و سمادير الشر و أردية الطهر .
أجبني بالله عليك ..... فلقد أتعبني ما أنا فيه ، و لا بد أن كلماتك تهبني بعض ارتياح .
أجبني أيها الحبيب .... فطالما عجزت عن الإجابات ، ثم وجدتها حين استنرت بمداد وضاءتك .
.................................................. ..........................................












التوقيع

الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ

إمام الأدب العربي مصطفى صادق الرافعي
  رد مع اقتباس