الثامن: أن يراعي الرسم
ومن ثم خطئ من قال في {سَلْسَبِيلاً}: إنها جملة أمرية، أي سل طريقا موصلة إليها؛ لأنها لو كانت كذلك لكتبت مفصولة. ومن قال في {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}: إنها إن واسمها أي إن القصة وذان مبتدأ خبره لساحران والجملة خبر إن وهو باطل برسم "إن "منفصلة وهذان متصلة.
ومن قال في {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}: إن اللام للابتداء والذين مبتدأ والجملة بعده خبره وهو باطل، فإن الرسم "ولا ". ومن قال في {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}: إن "هم أشد " مبتدأ وخبر وأي مقطوعة عن الإضافة وهو باطل برسم "أيهم "متصلة. ومن قال في {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}: إن "هم" ضمير رفع مؤكد للواو وهو باطل برسم الواو فيهما بلا ألف بعدها، والصواب أنه مفعول.
التاسع: أن يتأمل عند ورود المشتبهات
ومن ثم خطئ من قال في: {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً} إنه فعل تفضيل والمنصوب تمييز، وهو باطل؛ فإن "الأمد "ليس محصيا بل محصى، وشرط التمييز المنصوب بعد "أفعل" كونه فاعلا في المعنى؛ فالصواب إنه فعل وأمدا مفعول مثل: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.
العاشر: ألا يخرج على خلاف الأصل أو خلاف الظاهر لغير مقتض
ومن ثم خطئ مكي في قوله في: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي} إن الكاف نعت لمصدر أي إبطالا كإبطال الذي، والوجه كونه حالا من الواو أي لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذي فهذا لا حذف فيه.
الحادي عشر: أن يبحث عن الأصلي والزائد
نحو {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فإنه قد يتوهم أن الواو في {يَعْفُونَ} ضمير الجمع فيشكل إثبات النون، وليس كذلك، بل هي فيه لام الكلمة فهي أصلية والنون ضمير النسوة، والفعل معها مبني ووزنه: "يفعلن" بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ} فالواو فيه ضمير الجمع وليست من أصل الكلمة.
الثاني عشر: أن يجتنب إطلاق لفظ الزائد في كتاب الله تعالى
فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له وكتاب الله منزه عن ذلك، ولذا فر بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد والصلة والمقحم. وقال ابن الخشاب: اختلف في جواز إطلاق لفظ الزائد في القرآن، فالأكثرون على جوازه نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف وهذا للتوكيد والتوطئة. ومنهم من أبى ذلك وقال: هذه الألفاظ المحمولة على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها فلا أقضي عليها بالزيادة. قال: والتحقيق أنه إن أريد بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فباطل؛ لأنه عبث، فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقاصد، فليست الحاجة إلى اللفظ الذي عده هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ المزيد عليه. انتهى.
وأقول: بل الحاجة إليه كالحاجة إليه سواء بالنظر إلى مقتضى الفصاحة والبلاغة، وأنه لو ترك كان الكلام دونه مع إفادته أصل المعنى المقصود أبتر خاليا عن الرونق البليغي لا شبهة في ذلك ومثل هذا يستشهد عليه بالإسناد البياني الذي خالط كلام الفصحاء، وعرف مواقع استعمالها وذاق حلاوة ألفاظهم وأما النحوي الجافي فعن ذلك بمنقطع الثرى.