الله الله و هذا اللقاء الذي تنتظره أستاذتي عواطف
فجادت علينا بأبيات شعر تغنت به بعد معاناة بحث عن الوفاء ؛
فحالما نقرأ العنوان (اللقاء) يتبادر إلى الذهن أن نلتقي بكلمات تتراقص فرحا و بعيدة عن الحزن
و فعلا لقد أعلنت شاعرتنا هنا عن هذا اللقاء و لكن ؛
- بعدما بدأت قصيدتها ببيت شعر تعلن أنها (لازالت) فعل مستمر حتى اللحظة تبحث عن الوفاء في (الدروب) في دلالة على أنها ليست مستقرة في وطن إنما قد أخذتها (الدروب) بعيدا و ها هي تبحث خارج الوطن عن الوفاء
ثم تتم البحث بعجز البيت الأول و هي أيضا (ما زالت) تبحث بين الوجوه عن النقاء، و الوجوه هنا جاءت تخبرنا عن أنها قد التقت أناس كثيرين و هي تبحث عن النقاء في وجوهم
و بالتأكيد هي حتى الآن لم تجد ضالتها بدليل الفعل (لا زلت) :
لا زلت أبحثُ في الدروب عن الوفـاء= لا زلت أبحث في الوجوه عـن النقـاء
ثم تشكو النوى و البعد الذي قد سئمه قلبها (المنهك) في دلالة على الوصول لأقصى درجات التعب من البعد فلم تقل (المتعب) بل المنهك و الذي هو أكثر تأثيرا على السمع من شدة التعب ؛ و في خضم هذه الشكوى يحدث ما نتوقعه من شاعرتنا عواطف التي أدمنت الحزن و أدمنها في حروفها فها هي تقول له : يطل وجهك شاحبا مثل الرجاء ؛ إذن الرجاء بات شاحبا عند شاعرتنا و وجهه تماما كالرجاء الذي شحب و ما عاد نضرا...
في الصدر قلبٌ منهـكٌ سئـم النـوى=و يطلّ وجهُك شاحبـاً مثـل الرجـاء
ثم تبلغ قمة اليأس عندما تجد أن بيادر الخير قد استباحتها الدنى و أنها قد جفت و صارت تماما مثل الرمال في العراء لا طائل و لا فائدة منها ؛ هنا وجدت في (بيادر الخير) إشارة جميلة جدا إلى الخير العميم الذي كانت تنتظره شاعرتنا لكنه قد تحول كما قلنا إلى رمال لا غير و كذلك (جفت) في دلالة على أن النضارة قد غادرت هذه البيادر و بعد أن كانت ندية فإنها أصبحت بقساوة الرمال... تعبير رائع و جميل عن حجم الخسارة و وقعها المؤلم على أستاذتي
و هل بعد خسارة الوطن من خسارة أكثر إيلاما ؟!
و بيـادرُ الخيـر استباحتهـا الدنـى= جفت و ما عادت سوى رمـل العـراء
تحدثنا بعدها عن القادم الذي كم حلمت به سيأتي غدا فيطيب عيشها و يحلو اللقاء ؛ إذن قد انتهت مرحلة اليأس و قد بدأت بالأمل من جديد بالقادم الأبهى
و لكـم حلمـت بقـادم يأتـي غــدا = فيطيب لـي عيشـي و يحلـو باللقـاء
و في هذا البيت وجدت أن أستاذتي قد أقفلت على الحزن و فقدان الأمل و الخيبة الذين تحدثت عنهم في أبيات القصيدة الأولى و هي تمهد لنا عبر هذا البيت للانتقال بالقصيدة إلى جو آخر ... ما هو ؟!
أواه يـا هــذا اللـقـاء المرتـجـى= فجرًا يجيءُ مـع البلابـل و الطيـور
الله الله إنه اللقاء المرتجى (عنوان القصيدة) و الذي سيأتيها فجرا مع البلابل و الطيور
و هل أحلى من لقاء يأتي (فجرا) دلالة على بدء عهد جديد و زمن جديد و مع (البلابل و الطيور) و بالتأكيد البلابل و الطيور لا تأتي إلا فرحة بالفجر و باللقاء الجميل...
و هذه الـ (أواه) هنا ليست للتوجع إنما فرحا و انتظارا لهذا القادم الجديد !
ثم تحدثه : كم رجوتك سيدي في خشوع و تكون الروح حينها ملء الصدر ترقص في سرور
و لكم رجوتـك فـي خشـوعٍ سيـدي = والروحُ ترقصُ ملء صدري في سرور
فمن هذا الذي ترجوه في خشوعها لله ؟ و من الذي ترقص للقائه الروح بسرور ملء الصدر... ؟
و هنا أيضا أرى أن (الصدر) قد استخدمتها أستاذتي و لم تقل (القلب) في إشارة إلى وسع المكان الذي تتراقص به الروح فالصدر يحضن القلب وما جاوره إذن فرحتها أوسع من أن تكون في القلب فقط...
و ها هي تعلن عن انتظارها الطويل لهذا اللقاء (بأحلى الكلمات) ؛ فهي قد رسمته على القلب فرحة ؛ و كيف لا و هي التي عانت ما عانت و لم يعد لها إذن سوى ان ترسمه ليظل في قلبها مثلما نقشت الصبر على ذات القلب الصبور
و لك البشرى أمي الغالية فإن الله مع الصابرين و لطالما قد صبر قلبك طويلا فإن الله مكافئه بفرحة عظمى بإذن الله...
فلقـد رسمتـك فرحـة فـي خافقـي= و لكم نقشتُ الصبرَ في قلبي الصبـور
و تصل لزهوها و قمة تفاؤلها فتجده هو أيضا مشتاقا لها فسيأتيها غدا ليرتديا ثوب المودة و السعادة و الحبور لتنتهي رحلة العناء و البحث عن الوفاء و النقاء التي أتعبت أستاذتي عواطف .
شوقـا ستأتينـي غـدا كـي نرتـدي= ثوبَ المـودَّةِ و السعـادةِ و الحبـور
أستاذتي الفاضلة عواطف، مساؤك الخير و اللقاءات الجميلة و السرور
من أروع و أحلى ما قرأت لك حماك الله ؛ و لقد تفاءلت خيرا أن أستاذتي عواطف لأول مرة تخلع عن قصائدها ثوب الحزن ؛ و رغم قلة الأبيات في هذه الجميلة التي اخترت لها عنوانا أسعدنا قبل الدخول للقصيدة و الاستمتاع بها ؛ فإنك أجدت بتوصيل ما أردت الحديث عنه بكلمات قليلة و لكنها جاءت وافية
لقد أبدعت بهذه الكاملة الجمال و التي جاءت عذبة شجية و تدرَّج بها صوتك من نبرة الحزن في أول ثلاثة أبيات ثم نقلتنا لنسعد معك بكلمات جاءت بطعم الفرح و الأمل و السعادة أدامها الله عليك و رزقك بما تحبين و ما تستحقينه من خير وفير
لك و لحرفك الجميل تحياتي و تقديري و بيادر .gif)