نقد الشعر
يقال : إن الكلمة إذا خرجت من فمك لم تعد ملكا لك بل أصبحت ملكا للسامع : وهذا ينطبق على العمل الأدبي شعرا كان أم نثرا لأنه خرج من الشاعرأو الأديب إلى الآخر الذي سيتلقاه ويفهمه حسب مجموعة من العوامل
فالعمل الأدبي خرج من فكر الأديب مغلفا بالمشاعر والأحاسيس من خلاص وضعه في قوالب لفظية تفصح غن الفكرة والعاطفة :
ـــ عاطفة
ــــ فكرة
ـــ تعبير
استاذ رمزت اسعد الله اوقاتك بكل خير ,, ونهارك سعيد شكرا
لاهتمامك بهذه الاقسام الادبية اتمنى ان ترتقي مع لمساتك الهامة ,,
بداية إنّ ما يخرج من قريحة الشاعر او الاديب يصبح المتلقي
شريك فيه ,, لأنه هو الذي سيساهم ايضا في تقييمه ووضعه في
المكانة المناسبة ,, ولكن من وجهة نظري يبقى صاحب العمل
هو اول من يقيم عمله واول من ينتقده لا أتحدث هنا عن المبتدئين
او الذين لم يطوروا اسلوبهم من اول مرة مارسوا الكتابة ,,
أما عموما مامن كاتب او شاعر إلا نجده قد طور من قدراته في
كل عمل يقدمه ولولا عينه الناقدة لما غير في اسلوبه شيئ ,, ولا
ننسى ايضا أن للقارئ قدرات متفاوتة ورأيه لا يكون دائما في محلها ,,
يرجع ذلك حسب مستواه الادبي والحسي وذائقته الخاصة ,, وهنا
اشمل حتى المتخصصين بالنقد لذلك لو اتينا بعمل لناقدين احتمال
كبير أن يختلفان تماما في قراءة ودراسة النص الواحد ماعدا
الأخطاء الواضحة طبعا
فكيف خرج إلى القارئ ؟ هل كانت التراكيب واضحة ؟ مفهومة ؟ بسيطة ؟ حملت الشحنة العاطفية ؟
والأهم من هذا وذاك : كيف كان المتلقي ؟ ولمن يتوجه النص ؟
من هنا كان النقد للعمل الأدبي ، والنقد معناه إبراز نواحي الجودة في النص من خلال المعنى والمبنى وكذلك توجيه الملحوظات إلى سلبيات النص من خلال مجموعة عوامل :
ـــ الفكرة ومدى اتساعها أو ضيقها
ـــ العاطفة : هل هي ترتقي إلى مستوى إنساني أم ذاتية ضيقة ، ومن عنا نوجه النقد إلى شعر الخنساء أنه ذاتي خاص رغم جودة عملها الدبي في رثاء اخويها معاوية وصخر
ـــ التراكيب : ومدى صحتها وسلامة الألفاظ لغويا ونحويا ، ووضوحها بحيث تحمل المعنى المراد إلى أوسع شريحة من الناس
ومن هنا قالوا لأبي تمام : لماذا تقول ما لا يفهم ؟
ــــ أكد النقاد على النحو وبخاصة في الشعر فقد تنبه النابغة الذبياني إلى خطإ وقع فيه من خلال مغنية طلبوا منها أن تغني شعره الذي يحتوي الغلط ، فانتبه ولم يعد إليه ، وظهرت علوم اللغة من البلاغة والبديع والمجاز وغيرها
ــــ وقالوا هناك ضرورات شعرية متعددة ألا أنه لا يجوز أن يقع الشاعر في مخالفة نحوية أو كسر الوزن
ــــ اللغة ووضوحها وصحتها من حيث الاشتقاق والبنية وألا ماذا نفهم من قول الأعشى :
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ...... شاو مشل شلول شلشل شول
وأخذوا على أمرئ القيس :
غدائره مستشزرات إلى العلا .
فكلمة مستشزرات متنافرة الحروف في اللفظ
ماجاء في هذا الجزء هو صحيح وأحد ركائز النقد ,, لكن ايضا
إن تطبيقه محدود في بعض العناصر ,, وهذا يعود لاختلاف
الكتابات وحتى الشعر عن المرحلة التي ذكرتها من حيث الألفاظ
والمعاني والاهتمام بقوة ومتانة اللغة ,, مقارنة بما يكتب حاليا
فهنالك الكثير مما لا يرقى الى المستوى الذي وضعتَه هنا او
حتى غيره من العصر الذهبي للكلمة فما سميت بالحداثة أعطت
مجالا أكبر للتجاوزات الكثيرة ,, لدرجة اننا احيانا إما لا نفهم
ما يقصد به الكاتب حتى نحدد عاطفته او نجد كلمات منمقة
وكأنها رُصت جنبا الى جنب لتصبح مقطوعة نثرية او ابيات
شعرية ناهيك الابتعاد عن اصول اللغة وادخال بعض الكلمات
العامية او التراكيب الضعيفة ,,
وايضا من ملاحظاتي ان هنالك من يعتقد اذا كُتب في متصفح ما
الاخطاء رغم جمال النص او القصيدة يحجب الكثيرين عن
المداخلة ظنا منهم ان النقد = نص فاشل او هزيل
السؤال الهام الآن :لماذا يغضب بعض الأدباء من النقد ؟
النقد موجه إلى النص لا إلى شخصية الشاعر حتى أنه لا يذكر من حياة الشاعر إلا البيئة التي أثرت في النص : اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية .....
فإذا وجه لبعضهم ملحوظة هنا أو هنة هناك ثارت ثائرته وعدها هجوما شخصيا على كنز معلوماته الذي لا يضاهيه علم !
سأقول هنا رأي حسب ما لاحظته من متابعاتي في المنتديات ,, نجد
ان الكتاب والشعراء فعلا وعموما يظهرون انزعاجا من الاسلوب
المباشر والجاف ,, كما أنّ بعضهم يعتبرنفسه غير قابل لاي نقد ,,
ومقتنع بمستوى معين وضع نفسه فيه ومنهم من يتضايق مثلا
( بحكم أن من وجه نظره ) لا يقبل النقد من من هو اصغر منه سنا
ويعتبره أقل منه علما ومعرفة ,,
وايضا هنالك من لا يحب الا المدح والنقد يجعلهم يبتعدون عن
الكتابة ,, أعرف من يحبون النقد لكن ليس على المتصفحات و
يفضلون مثلا اخبارهم برسالة خاصة ,, اذا نصل في أخير الممرات
الى طرق شبه مغلقة لذلك اصبح الابتعاد عن النقد الصريح و
المباشر سمة عامة ,, او تحاشي النص او القصيدة التي تحوي
عيوبا او خلالا او هنات ...ألخ (على أن يوجه النقد المباشر)
أو الإكتفاء بكتابة مجاملة لا معنى ولا طعم ولا لون لها ,,
لا يا سيدي ....النقد موجه لعمل أدبي ليس ملكك بعد أن خرج منك إلى الناس لأنهم هم الذين يتذوقون أو لا يتذوقون هذا العمل ، وهم الذين شوف يحكمون من خلال تذوقهم على جمالية النص
ثم من منا لا يقع في سهو أو غلط ؟ جل الله وحده عن السهو والغلط فمن طبيعة العقل البشري أن يسهو وينسى ويغلط و ...
فقد رأيت في المنتديات الأدبية كثيرون على قدر كبير من الوعي يشكرون من يوجه إليه النظر إلى كلمة هنا أو سهو هناك
وقليل من الأدباء / وعذرا / أو المتأدبين والمتشاعرين / تثور ثائرتهم عند توجيه ملحوظة ألا نردد دائما ( وفوق كل ذي علم عليم )
ومن قال أن أعلم فهو لا يعلم شيئا ، وهل النقد كما رأيت أحيانا هو تصفيق لقائل النص والإطراء عليه رغم ما فيه من مخالفات نحوية أو لغوية أو تكسير في الوزن ؟
وهل نتعلم أكثر من أغلاطنا ؟ اسألوا أي طالب بعد أن ترك المدرسة لسنوات كيف يذكر كلمة غشها من زميله لأنه لا يعرفها أوفكرة أخطأ فيها
وبعدها تنبه إلى صوابها من مصدر من المصادر
مع التحية وليكن شعارنا : لا أحد فوق النقد
رمزت ابراهيم عليا
لا أحد فوق النقد جملة مهمة جدا وهي نصيحة ,, اتمنى ان يتحمل
الأدباء والشعراء ذلك هي الطريقة الصائبة والدافعة نحو التطور
والرقي ,,والإنسان يتعلم من اخطائه اكثر مما يتعلم من اخطاء غيره ,,
المهم أن لا يحصل سوء تفاهم او مشاكل ,, فتتحول النصيحة و
الفائدة الى مشاحنات فنحن هنا كلنا لنفيد ونستفيد
استاذ رمزت أتمنى فعلا أن تنجح في مهمتك التي اعتبرها صعبة
في زمننا لا لشيئ سوى لاختلاف القناعات والنفوس ,, وشكرا لهذا
الاهتمام لرفع مستوى الكتابات هنا وهذا الصرح الثقافي الهام
كل التقدير لك ولمجهودك
مودتي الخالصة
سفــــانة