كم مرة قلت لك: ياصديقي تعال ل نلهو.. وأعرف كم أنت تحب الشغب .. وتهوى
وكم تمتلك من طاقات مجنونة بعذوبة روحك ..
أّيّ أقنعة ألبسونا يا صديقي .. وأي فطرة إجتثوا من عفويتنا ليلصقوا مكانها زيفهم وقشورهم التي تضيق بها أرواحنا وتتوق لتمزيقها وتكسير بلادتها كل أبد صدقٍ مع أنفسنا ..
أيّ بساطة وإنسانية وجمال وإتحادٍ مع الطبيعة بعناصر أرواحنا اللّا مركبة واللّا معقدة واللّا
مقولبة .. سلخونا وألبسونا المفاهيم المتقاتلة والمتحاربة من مكان لآخر ومن حيثية لأخرى
ومن عفن لآخر ومن مرض لآخر ومن جشع لآخر ومن تسلط لآخر.....
ونبتسم يا صديقي ليموتَ الأمل فيصبُ بأيقونة حلم الإنعتاق وتحرر ألواننا من شرانقها.. وعشق إنفصال الرماد عن النقاء..
وتنوش رؤوسنا نبال الحيرة وسنابك التساؤل ورماح الدهشة.. لتنالَ من عقولنا.. متى ؟
متى يا صديقي سيغدو الألم هو الناطق الرسمي باسم إنسانيتنا..؟ متى سيكون هو رسولنا
لينبئ عن ماهية مشاعر إنساننا من دون مخاوف التكفير ورهاب التعري ؟؟
ومتى سيغدو الصفر سيد الأزمان .. واللاّ كمّ.. واللاّ عدد.. واللاّ كيف.. واللاّ جنس..
واللاّ لون.. واللاّ ماهية ...؟؟؟؟؟
هو الآمرُ الناهي في مقدرات إنساننا ومفهومات أذهاننا .. وجامحات طفولاتنا .. وإبتهالات
آه يا صديقي .. أين أمّك وأبوك قل لي : متى غرسوك هنا فسلة في يقيني ..وكيف لم ينجبوك...؟؟؟
من ألقى بك إذاً في غيابة لا شعوري .. وغياهب ضميري.؟؟؟
أخرج.. تشخص .. تجسد .. كنْ هو .. كنْ هي .. كن كلّهم .. كن كلّهن .. كن
تبلور على هيئة النقاء .. تهيّأ على شاكلة السماء..
ألا تراها يا صديقي كيف ترانا وتبقى كما هي ..؟ ذات إقترافٍ رأت من أحرق الغابة.. ومن
ألقى أعقاب جهله أمام داري .. ومن إقتلع تينة طريق ضيعتنا العتيقة ..
سَمعتْ من رفع نباح حوائجه ليؤذِ سكوني .. استنشقتْ تجشؤآتهم وعفونة مسام
أدمغتهم .. ضاقت رئتها بصراخ ترابي من سطوة الإسمنت ..
قرأتْ كل الكتب الممهورة بخواتيم السفك ..كل قصاصات التشهير ببعض لهوِنا
وابتساماتنا المريرة يا صديقي..
بأمّ زرقة نقائها رأت وسمعت وشمّت وقرأت .. ومازالت تهمي إنسكابَ روعتها وتزف
مزق ونتف غيومها البيضاء الطيبة الحنونة على عيني كل سحر وكل شفق من نيساني السليب بأيدي جهالة ظلمهم..
لمستْ حرارة جبين وجعي وإرهاقي .. ولم تتأفف .. ولم تواري زرقتها مصعّرة قبتها عن وجنتي شحوبي .. ولم تُشح قزحية أطياف أناقتها عن أكوان عزلتي ..
لم ترشق قهقهة ممقوتة في محيّا آلامي وحزني..
وبكامل أطياف سجايا شفافيتها كانت تمطرني ورداً ذات أوجاعٍ لحنيني ..
قالت لي : ذات بكاء في متاهات لبلاب غابتي لا تبكِ . كانت تنطق من أفواه رسل الطلّ
المتقاطر في سحرِ ذلك البكاء الأمدي.
وهل تعلم ؟ ماذا قالت أيضاً يا صديقي : إخفِ طفولتك عن أعين إجتثاث البراءة في
عوالمهم التي تملأ كل أمكنتهم ونِصاب مُلكاتهم ..
خبئ عبراتك عن جلاد السخرية القاطن في نفاق الشفقة البادية على لهفة
حاجاتهم .. ومطالبهم .. وموائد بشاشتك .. وراحة كفيك الممدودة إليهم..
قالت : لا تشرب كأس دماءك فوق موائد شهوتهم وتمتعهم .. ولا تقصص آلامك في
حضرة أذرعهم المتلهفة ببشاشتها الصفراء لإحتضان قهرك في نميمة ألوان حرباءاتهم
المتنامية خلف مناسك بشرتهم .
أو تعلم ماذا قالت أيضاً يا صديقي : وبهمس نقاوة زرقتها .. لا أدري إن كان توهم لهفة
لكني أذكر أني سمعتها قالت : لا تقلق سأرفعك إليّ ..
نعم .. سأرفعك إليّ...... هكذا قالت.
كــــــريمـ سمعون 24\نيساني \2011