الموضوع: ثرثرات
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2011, 10:10 AM   رقم المشاركة : 1
أديبة
 
الصورة الرمزية هيام صبحي نجار





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :هيام صبحي نجار غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي ثرثرات

ثرثرات

بينما تنهمك في غلق محطة التلفاز، وتتأكد من جاهزية الأدوات لجلسة البديكير المعتادة، تثرثر للزبونة عن حال أبناء جاليتها في إحدى البؤر المشتعلة في العالم، حيث يعمل معظمهم في مهنة التمريض، «مساكين .. هم لا يودون العودة إلى الوطن، بسبب الأحوال الجوية السيئة..
في الأخبار يتحدثون عن إمكانية حدوث توابع زلزال اليابان.. قد يمتد ليصيب الفلبين، عندها تحدث ""الكارثة""..
«وهل الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في رأيهم أفضل من الكوارث الطبيعية ؟»..
«كلا .. ولكنهم على أمل بانفراج قريب..»
استمرت في ثرثرتها المملة عما تتداوله القنوات الإخبارية.. وعن هوسها بمشاهدة النشرات على مدار الساعة.. بينما الزبونة بانتظار فرج الساعة ومرور تلك الجلسة على خير.. تبدو البؤر المُشعلة في الوطن العربي مصدراً للأحاديث اليومية والثرثرات الجانبية.
في الجلسة ذاتها، فتحت موظفة الصالون قناة الجزيرة وأدارت دفة الحديث الممل إلى بؤرة أكثر استقراراً، بلطف قالت الزبونة لقد سافر رئيسنا ببعثة للخارج ..«الحمد لله ميت مرة .. كان كاتماً على أنفاسنا».. وبدأت بسرد ممارسات النظام القمعية مع أبناء الشعب.
حدثت نفسها باستغراب.. تلك المرة الأولى التي تبدي سالي تذمرها من الوضع في بلدها؟.. في كل زياراتها إلى الصالون.. لم تكن تتطرق إلى حديث من هذا النوع!
مثل تلك الأحاديث.. قبل نهاية العام الماضي تحديداً، كانت خطاً أحمر، لا يجرؤ صغار الموظفين ولا كبارهم، على تداولها بتلك التفاصيل، وإن تم ذكرها فمع تحفظ على ذكر أبطال تلك الممارسات، اليوم بعد عدوى الثورات التي تعصف بالعالم العربي، يبدو المشهد مختلفاً. قد تتفاوت ردود الأفعال بين مواطن ومغترب، ولكنها قراءة مختلفة، لتاريخ يكتب من جديد.
صاحبة الصالون، كان صوتها عالياً، وانفعالها واضحاً، عندما أبدت استياءها من «قليل من الصبية» تحدثوا بلغة رقمية مختلفة، كانت كفيلة بتجمهر الحشود واعتصامها لأسابيع، يعني ماذا أن يسقطوا النظام، لماذا لا يحمدوا ربهم على نعمة الأمن والأمان .. لماذا يريدون خراب البلد ؟
بينما تهمس أخرى في غرفة المكياج المجاورة، «نعم أنت قضيت سنيناً طويلة من عمرك تنعمين بخير البلد هذا .. لقد خلقت هنا .. ومن الممكن انك لم ترِّ البلد .. ولا تعرفِ كيف يعيشون ..
وعندما تكتب صفحة جديدة في تاريخ الشعوب، يبحث الجميع عن نصيبه في كعكة الانتصار. هم ذاتهم من حكموا على التغيير بالفشل.
زارتني جارتي في المنزل أيضاً، لا تكف عن الثرثرة السياسية حيث تحول الحديث إلى نقاش دسم، بل سجال أودى بقطع العلاقة بيننا في الغربة..
صباحاً سمعت هذه الكلمات في مكتبي من ابنة البلد «أنتم أصلاً لا تشبعوا لقد أمن لكم كل شيء.. لم يقصّر بأي عمل يطور البلد .. مدارس .. شوارع .. مستشفيات.. « عزيزتي أنتِ هنا منذ زمن طويل .. أنظري إلى بقية الناس إنها لا تجد ما تسد به رمق أطفالها .. وزوج ابنتي متعلم ـ خريج جامعة لم يجد له عملاً مناسباً .. إنه يعمل فــي بقاله ..»
رمقتها بنظرة حادة قائلةً : عليه أن يحمد ربه ، كان ينوي أن يكون رئيساً ؟
يطول النقاش وتزداد حدته.. ويكاد يتحول إلى شجار بالأيادي، بينما تكتفي الحاضرات بتبادل نظرات الدهشة..
صوت من بعيد يا جماعة .. المدير وصل من سفرته ..
وتحول الكلام عن تطوير العمل والإنتاج من أجل عيون المدير .

هيام












التوقيع

وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
آخر تعديل هيام صبحي نجار يوم 07-06-2011 في 10:16 AM.
  رد مع اقتباس