يقول الشعراوي: فسوف ترونهم رؤيا الفزع والخوف عندما يأتون لقبْض أرواحكم، أو سترونْهَم يوم القيامة يوم يُبشِّرونكم بالعذاب.
يوم يستقبلون المؤمنين:{بُشْرَاكُمُ اليوم جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} فيستشرف الكفار لسماع هذه الكلمة لكن هيهات {لاَ بشرى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ} فيمنعون عنهم هذه الكلمة المحبّبة التي ينتظرونها، ويقابلونهم بكلمة أخرى تناسبهم.
يقولون لهم:{حِجْراً مَّحْجُوراً} والحِجْر: المنع، ومنه: نحجر على فلان يعني: نمنعه من التصرُّف.
وقديماً كانوا يقولون في دفع الشر: حِجْراً محجوراً يعني: منعاً، ومثل ذلك ما نسمعهم يقولون إذا ذُكِرَ الجن: حابس حابس يعني: ابتعد عني لا تقربني.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} فائدة في اللغة: (حِجْراً مَحْجُوراً): ذكرهما سيبويه في باب المصادر غير المتصرفة المنصوبة بأفعال متروك إظهارها نحو معاذ الله وقعدك الله وعمرك الله وهذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند لقاء عدو موتور أو هجوم نازلة أو نحو ذلك يضعونها موضع الاستعاذة، قال سيبويه: «ويقول الرجل للرجل: أتفعل كذا فيقول حجرا وهي من حجره إذا منعه لأن المستعيذ بالله طالب منه أن يمنع المكروه فلا يلحقه فكأن المعنى اسأل الله أن يمنع ذلك منعا ويحجره حجرا» .
وقد ساءل الزمخشري فقال: «فإذا قد ثبت أنه من باب المصادر فما معنى وصفه بمحجور؟ قلت: جاءت هذه الصفة لتأكيد معنى الحجر كما قالوا ذيل زائل، والذيل الهوان وموت مائت والحجر العقل لأنه يمنع صاحبه وفي الأساس: «وفي ذلك عبرة لذي حجر وهو اللّب، وهذا حجر عليك: حرام، وحجر عليه القاضي حجرا، واستقينا من الحاجر وهو منهبط يمسك الماء وفلان من أهل الحاجر وهو مكان بطريق مكة، وقعد حجرة أي ناحية، وأحاطوا بحجرتي العسكر وهما جاباه، وحجّر حول العين بكيّة، وعوذ بالله وحجر، وامرأة بيضاء المحاجر، وبدا محجرها من النقاب، واستحجر الطين وتحجّر: صلب كالحجر، وتحجر ما وسعه الله: ضيقه على نفسه، وقراءة العامة على كسر الحاء وقرىء بالضم وهو لغة فيه وحكى أبو البقاء فيه لغة ثالثة وهي الفتح، قال وقد قرىء بها. الإعراب: يوم متعلق باذكر مقدرة أو بيعذبون أو بلا يبشرون المفهومة ضمنا من لا بشرى أي يوم يرون الملائكة يمنعون البشرى أو يعدمونها ولا تعمل فيه البشرى لأن المصدر لا يعمل فيما قبله، ولأن المنفي لا يعمل فيما قبل لا. وجملة يرون مجرورة باضافة الظرف إليها والملائكة مفعول به ولا بشرى لا نافية للجنس وبشرى اسمها وللمجرمين خبرها والجملة مقول قول محذوف أي يقولون لا بشرى وجملة القول حال من الملائكة ويقولون فعل وفاعل وحجرا محجورا تقدم اعرابها أعلاه بالفائدة.