رد: قراءة تحليلية للأديب والقاص القدير / الفرحان بوعزة لنص ( وَحِيدًا.. )ق. ق. ج /محمد العونه.
قراءة الأديب القدير / الفرحان بوعزة
---------------
وحِيدًا... ! جاء العنوان كلمة مفردة، يمكن أن نعتبره نصا مستقلا بنفسه، وهو يشكل نوعا من الإغراء والتحفيز، لأنه يتميز بصفة شعرية، تم فيها اختراق المألوف في التعبير، مما يدفع بالمتلقي أن يعيش على الترقب لمعانٍ ودلالات مفاجئة ولا نهائية. كلمة "وحيدا"جاءت كعنوان مخاتل في الدلالة، ومشاكس على مستوى التأويل. فكلمة "وحيدا" دالة على حالة متفردة تثير التعجب والاستغراب، كيف يكون الإنسان وحيدا، وهو داخل المجتمع، والمعنى القريب لهذا العنوان المخاتل والمشاكس،هو أن الإنسان يهتم بنفسه دون غيره ، وينفرد برغبات نفسه دون أن يسعى إلى الاندماج بين الناس أو التفاعل مع الآخرين. حالة تستدعي الإرشاد والتوجيه، وقد يعتبرها البعض أنها حالة مرضية ، ما دام البطل يعيش تحت ضغط اليأس والانهزام ، مع فقدان القدرة على التكيف الاجتماعي . فإذا كان البطل واعيا بنفسه ومحيطه ، فإنه يحس أن الأحداث الفردية والاجتماعية قد جاءته على حين غرَّة، وبسرعة يروم إلى الحياد لعدم قدرته على المواجهة، وتغيير الوضعية التي يعيش فيها، لذلك فضل أن يعيش "وحيدا" وبعيدا عسى أن يجد راحة نفسية في حياته، بدل أن يشغل فكره بمصائب الناس وكوارث الزمن. لَيْسَتْ اَلرَّصَاصَة مِنْ قَتَلَنِي../ نفي البطل التهمة عن الرصاصة، حيث أكد أنها غير قاتلة له، فمن الذي قتله؟ رغم أن الرصاصة هي وسيلة للقتل ، قد يصيب صاحبُها وقد يخطئ. فكلمة "قتلني" انزاح معناها الأصلي إلى معنى مجازي، فالقتل هنا ليس هو الموت النهائي ،إنه موت ممنهج وبطيء يأتي على مراحل وعبر الزمن لِما يعانيه البطل من تأزم ويأس من الوضعية المزرية التي يعيش فيها، فالكثير من سكان غزة لم تقتلهم رصاصة العدو ، وإنما قُتلوا نفسيا بعدما رأوا مأساتهم تتكرر وتتجدد يوما بعد يوما ، كأنهم تحت الموت البطيء والمخطط له.. بَلْ لِأَنِّي كُنْتُ أَقِفُ ، أَمْشِي.. بِلَا ظِلٍّ !./انتقل البطل من معنى إلى آخر، فكانت الجملة السردية مصدرة بحرف ابتداء واستئناف/بل/ أي أنه أبْطلَ المعنى الذي جاء قبله، والذي ترسخ في ذهن القارئ، فالسارد لم يشرح ولم يقرب المعنى إلى فكر القارئ ، فاعتمد على الانتقال السريع من حالة "القتل" إلى حالة أخرى أكثر تعقيدا، فما هي هذه الوضعية الجديدة؟ تصوير جميل للبطل وهو كان يقف. فلماذا كان يقف ؟ ربما كان يتأمل المأساة التي حلت به ، ويسأل نفسه: ماذا حل بالبلد ، بالوطن، بالمجتمع، بالإنسان مهما كانت هويته... فم يستطع أن يستوعب المشاهد والصور التي أثرت في نفسيته، مشاهد الخوف والرعب والدمار الذي حل بأرض فلسطين. ولمَّا امتلكه اليأس، أحس أن الوضعية فاقت طاقة عقله، فأحس بالانهيار والتشاؤم . فماذا فعل؟ مشى "أمشى"،هل يمشي ليخفف عن نفسه ؟ هل يهرب ويبتعد لكي لا تبقى تلك الصور الدامية في ذهنه؟هل يود أن يغيب عن المجتمع ليعيش "وحيدا"؟ هل يتنكر لهويته؟ هل يتنصل من ظله كإنسان كان موجودا في هذا الوطن؟ فالكثير من المبدعين تناولوا بطولة الظل كمقابل نظري للغموض والسّوادِيّة في تركيبة الشخصية القصصية، ومن سماتها: الحزن العميق، والتشاؤم المطلق وهبوط النشاط الحركي، فقالوا: "لا تكن مجرد ظل للآخرين، لا تتبع ظلال الآخر، كن قائما بذاتك مستقلًا عن ظل الآخر".
إنها حيرة كبيرة تسلطت على البطل ، فلم يجد مخرجا سوى أن يتنصل من ظله وظل مجتمعه. والسؤال الذي يبقى محيرا للقارئ هو:هل كان البطل سلبيا في تعامله مع القضية، إذا ما اعتبرناه من سكان فلسطين؟أم أن الأمر يتعلق بشخص ما عزف عن العيش في مجتمع ممتلئ بالفواجع والكوارث الإنسانة؟ هل كان عاجزا على تغيير الوضعية؟ فاكتفي بالحسرة واحتضان الألم ، ومشاهدة الصور المرعبة التي حلت بوطنه؟ افتراضات تبقى محيرة وقابلة للنقاش. فليست كل قراءة نهائية لهذه القصة الجميلة ، بل تتجدد مع قراءات متعددة للمبدعين والمبدعات. قصة حاملة لمعانٍ ودلالات خفية ، من الصعب انتزاعها بين الكلمات، فليس المهم في هذه القصة/القتل/ التوقف/ المشي/ فقدان البطل لظله/ إنما الأهم هو ما وراء هذه الحالات المتولدة في نفسية الإنسان ، والعلاقة التي تربطه بوطنه ومجتمعه. جميل ما أبدعت وكتبت أخي محمد داود العونه..
رد: قراءة تحليلية للأديب والقاص القدير / الفرحان بوعزة لنص ( وَحِيدًا.. )ق. ق. ج /محمد العونه.
قراءة تحليليّةأتت على كلّ الجوانب الفنيّة والبلاغية لقصّة قصيرة استوفت اركان هذا الجنس الأدبي المستحدث
دام قلمك ودام ابداعك في قراءة النّص المنشور هنا فبدون قراءة لا يضاء النّص ولا يستمرّ.
فلنقرأ أكثر ممّا نكتب فالقراءة اباع