لن أبكي "ست الدنيا" فالأوجاع تصنع الرجال، وتنهض بألوية المدن، هي نبض من عشقها ولن تنحني ولن تتحول إلى مدينة أشباح!رغم الأجواء الضبابية ورغم السماء الملبدة بالنار واللهب.
"لؤلؤة الشام " اعتدنا الأرق، وكوابيس التفجير تدوي في أذاننا! نلملم أشلاء أحزاننا نودعها خسارة أحبابنا وقلوبنا تصلي أن يحفظ أرضك من كل وباء؟؟رحل من رحل وسقط من سقط، ورفع "لواء الحِداد"على الأرواح التي نزلت السماء، ونهرول مفزوعين من يد تتحرك وسط الركام! أو صوت ينبعث من وسط صمت الموت، وصرخات الثكالى إنها صفعة القدر من جديد، أن ننام وآلاف الأصدقاء والأبرياء رحلوا عن عالمنا انهارت مشاريعهم، انهارت أحلامهم وانهارت منازلهم.
ـ نصلي لأجل أن تنزاح عتمة الليل، لانصدق هل حقا مشهد الانفجار حي ام أنها خدعة إعلامية؟ كيف تمكن القدر من مشاكسة الشمس فاحتال على أشعتها لتتسلل في الظلام أصابع التفجير وتعلن غضبها في وضح النهار! أيا بيروت وألحقت هذه الشرارة بالنفوس أكبر الآلام وأفظع الأوجاع.
ـ ويبدأ صبح الجنازات التوابيتً فوق أكف الرفاق، في الصدر حجم المأساة أكبر وبين الضلوع زفرات تئن تحرق بأنفاسها مراقد الإهمال ومضاجع الطغاة، تستنزف "صبرا بيروت" على تضميد الجراح وتعويض الأضرار.
جميعنا مفجوعون، ومحزونون، من منا لم يدفن قلبه لجانب خلٍ رحل، أو صديق أو أخٍ؟نحن "مشروع جرح نازف" مازلنا لسنا بخير، نبكي نتضرع للرب أن ينقذ ما يمكن إنقاذه، وأن يكرم ما يمكن إكرامه رائحة الموت قهر، الناس تتذوق طعم الموت في اليوم مئات المرات.
نبكي نتضرع للرب أن ينقذ ما يمكن إنقاذه الدمار يلف المكان، والألسنة تتبادل الاتهامات، تبدل كل شيء "جو" لن يتزوج وجدوه مضرجاً بدمائه، و"زينتب"راحت ضحية انفجار، صدفة كانت تمر بالقرب من المرفأ، إننا نعيش القهر آلاف المرات يومياً وعيوننا تصلي أن تعود "بيروت""ست الدنيا".
استنكر العرب، وفُجع العالم وقامت الدنيا وعصف الرأي العام لأجل أن تبقى "بيروت" "ست الدنيا" ولأجل أن يستكين الوجع استقالت حكومات، وشجبت أحزاب، وواصل الرأي العام اهتمامه بالحدث وبدأ سيل الإعانات إلى الوطن المنكوب، الخسائر فادحة، والمصاب كبير!
لو أن للموتى رجعى لهدأت قلوب الأمهات والحبيبات، رحلوا على عجل بدون وداع، كانوا على موعد مع الموت لم يستمهلهم حتى فجر الأمنيات، لقد رقدوا فاستراحوا تاركين لمحبي بيروت الغصة والألم وعيون ملؤها الدمع..
سامحتهم جميع القلوب المنكوبة، وبالورود بين روائح الجوري والياسمين جعلت لكل منهم مرقده فناموا حتى يوم أن نبعث لتحاسب كل نفس أهملت واجبها تجاه الله والوطن..