خطأ مُؤلفي الكتب التعليمية الفكري في حق الطلاب

خطأ مُؤلفي الكتب التعليمية الفكري في حق الطلاب

(1)
بينت في مقال سابق عنوانه "هل يصلح جحا شخصية تعليمية" أخطاء مؤلِفَيْ كتاب اللغة العربية للصف السادس الابتدائي الفكرية والخلقية على التلاميذ لسوء اختيار النوادر في الموضوع النثري "من نوادر جحا".
وفي هذا المقال أوضح خطأهما الفكري لسوء اختيارهما نصا شعريا للشاعر "محمد عثمان جلال" عنوانه "البخيل والدجاجة".
كيف؟
هذا النص عنوانه "البخيل والدجاجة"، وقد أدار الشاعر شعره على البخيل كما ذكر في الكلمة الثانية في بيته الشعري الأول. يحدث هذا على الرغم من أن موضوع القصيدة والدرس يتناول الطمع لا البخل، فيكون الرجل طماعا لا بخيلا.
وشهد بهذا المؤلفان في تقديمهما الموضوع.
كيف؟
قالا في مقدمتهما للموضوع ص56: "القناعة كنز لا يفنى، والعز في القناعة. ولكن بعض الناس يدفعهم الطمع والجشع إلى الرغبة في الحصول على كل شيء دفعة واحدة فيكون نصيبهم الحرمان والندم".
بعد هذه المقدمة التي تشير بوضوح وجلاء إلى أن الموضوع هو الطمع قالا: "ويتضح هذا من النص الآتي".
ما معنى ذلك؟
معناه أن النص الآتي سيعكس قيمة الطمع السيئة لا البخل.
فهل حدث هذا؟
لا، لم يحدث.
كيف؟
دعونا نقرأ النص الشعري القصصي!
(2)
كان البخيل عنده دجاجة *تكفيه طول الدهر شر الحاجة
في كل يوم مر تعطيه العجب*وهي تبيض بيضة من ذهب
فظن يومــا أن فيها كنزا*وأنـــه يزداد منه عــزا
فقبض الدجاجة المسكـين*وكان في يمينـه سكـين
وشقها نصفين من غفلته*إذ هي كالدجاج في حضرته
ولم يجـد كنزا ولا "لِقِيَّه"*بل عظمة في حجـره مرمية
فقال لاشك بأن الطمعا*قد ضيع للإنسان ما قد جمعا
(3)
أوجدتم بخلا في هذه القصة الشعرية الخيالية؟ أم وجدتم طمعا وطماعا وجزاء ذلك؟
إن الرجل طماع دفعه طمعه إلى أن ينطبق عليه ما قاله المؤلفان ص58: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
فكيف لم ينصا على هذا الخطأ المفاهيمي الفكري؟ وكيف تغافلا عنه ثلاث مرات: مرة عند اختيار النص، ومرة عند شرحه ص58، ومرة عند قولهما في هذا الشرح ص58: "يروي لنا الشاعر حكاية خيالية؛ لينتهي بعدها إلى الحكمة التي مهد لها بهذه الحكاية، فيذكر أن بخيلا طماعا كانت عنده دجاجة تبيض له في كل يوم بيضة من ذهب"؟
أيكفي أن يُلحِقا الصفة الأصلية التي تطابق الموضوع "الطمع" بالصفة الخاطئة "البخل" حتى نلتمس لهما العذر في التنبيه؟
لا، ولا.
(4)
وجاءت الصورة التوضيحية لتضيف بعدا جديدا من الخلل.
كيف؟
وردت الصورة ص56، ومحتوياتها رجل يحمل سكينا ودجاجة ونخلة ووعاء سقي للدجاج.
ثم ماذا؟
ثم لا شيء.
وماذا في هذا؟
فيه نقض العنوان.
كيف؟
إن الرجل بخيل، وإن الدجاجة تعطيه كل يوم بيضة ذهب- فكيف يتركها من دون جدر وأبواب ومغاليق؟ أهي دجاجة عادية؟ أهو رجل غير بخيل؟
كان ينبغي على من رسم الصورة أن يظهر سياجا يضيق المساحة حتى يترجم فكرة البخل، أما أن يترك المساحة من دون حدود فهذا تناقض آخر يجعل الصورة في واد والموضوع في آخر.
(5)
فيا معشر المعلمين، انتبهوا ونبهوا تلاميذكم، وعلموهم التفكير الإبداعي والناقد، ولا تكن مهمتكم "روتينية"؛ فإن هذا الخطأ خطأ في الموضوع الذي يمثل المحتوى الذي يعنيكم أولا وآخرا ولن أشير إلى خطأي القصيدة التي لم يشر المؤلفان إليها لعلي أتناولهما في مقال لاحق إن شاء الله تعالى!

جزاك ربي خير

لكن من الذي سيوصل هذه الرسالة الى مؤلفي الكتاب؟

بوركت جليلنا الحبيب وأكرمت!
لعل الله تعالى يسبب أسبابا توصلها!

الاخ العزيز استاذ فريد

ان الكتب المنهجية في مدارس الوطن العربي وفي جميع مراحلها وحتى الجامعية بحاجة الى تغيير كي تساير التطورات العلمية وتغير الأفكار والرؤى سواء أكان ذلك في موضوعاتها أم بطريقة عرضها فما كان يصلح لطلبة


الأمس قد لايصلح لطلبة اليوم وما عرضته يعد مثالا لما نذهب اليه ولنا في مصادر ثراثنا وتجربة أسلافنا موضوعات ثرة وأفكار غنية يمكن توظيفها بطريقة عصرية نستخرج منها الحكمة والموعظة وسبل استنهاض الهمم

لغرض بناء أجيال مسلحة بالايمان تستطيع أن تعيد تاريخنا المشرق

تحياتي وتقديري

نعم، نعم-دكتورنا الحبيب!