" كَرَّادةَ " الَّليلِ : هَلْ للحُسْنِ ألوانُ ؟
أم أجْفَلتْ لنذير الشُّؤمِ بُغدانُ !؟
وَهَلْ شُتُولُ الهَنَا جفَّتْ مَواسِمُها
فلم يعُدْ يَسْألُ الأَنْداءَ جَنَّانُ ؟
فما " الكُرودُ " هنا تَسْقي أزاهرَها
ولا انْجَلتْ عن " أبي نُوّاس " أشجانُ
مَا صَانَ حائِطَها ناطورُها ، فغدَتْ
تَعنو إلى القَدرِ الوَرْديِّ شُطآنُ
أرى سَحائِبَكِ انداحتْ ، يُشاطرُها
شُواظُ نائبةٍ ، يُذكيهِ جيرانُ
يا سَاحِلَ الودِّ في شرقيِّهِ التَمعَتْ
ضِفافُ دجلةَ ، حيثُ الحُورُ والجَانُ
إنّي عَتبْتُ زَمانَ الأدعياءِ ومَن
أوهتْ رؤاهُمْ بيوم القَحْطِ أضغانُ
لا " الجادريّةُ " عادَتْني ابتسامَتُها
لا " الرَّاهباتُ " ، ولا الجُدرانُ جُدرانُ
( قصورُكِ السَّبعُ !) لم تفتأْ تنوحُ على
ذكرى الضُّيوفِ ، فَنَام الآسُ والبانُ
كرَّادةَ الَّليلِ : كَمْ لِلَّيلِ من وَجَعٍ
ومن فؤادٍ نَعَتْهُ الآنَ " سوزانُ "
روحي لتَرْقبُ تلقاءَ الدُّروبِ دمًا
يَنْزو ، أما لبَيانِ اللُّطْفِ أعوانُ ؟
إن قلتُ صَبرًا رَماني الصَّبرُ ، وانسَفَحَتْ
آهاتُ ذي وجَلٍ أبكتْهُ أضعانُ
تذكَّري من صَدى الماضي براءَتَهُ
غَداةَ عانقَ طيبَ الفَجْرِ وَسْنانُ
تذكَّري لغةَ الأحبابِ فاتنةً
فإنَّ بُلبُلَها - لا ريبَ - فتَّانُ !
تذكَّري واسألي وَحْيَ العُيونِ وَمَا
قد ضمَّهُ الوَعْدُ ، إنَّ الدمعَ هتَّانُ
تذكَّري العُمْرَ باسْمِ اللهِ ناطقةً
ما كان يُوحيهِ إنجيلٌ وَقُرآنُ
يا ثغرَ قافيتي ، يا زهوَ عاطفتي
بل أنتِ شاعرتي ، والنُّونُ برهانُ
صُبّي على كتفِ الآمالِ حَرْفنةً
عسى تؤوبُ " لنادي " الأُنْسِ أركانُ
عسى تلمُّ شذا الأعراسِ أفئدةٌ
كي تستقي منكِ بالأفراحِ ألحانُ
عسى أزور " زوايا " النَّخْلِ تحملُني
رسائلُ الأهلِ ، والقُرْبى ، ومَن كانوا
يعانقونَ بآياتِ الهَوى أدبًا
وفي حَدائقِهمْ للحَرْفِ تحنانُ
عليكِ منهم سلامُ الله يتبعُهُ
شلاّلُ صَفْوٍ ، وشوقٌ فيهِ عِرفانُ
وليحفظِ اللهُ أهلَ الخيرِ قاطبةً
ومَن لهم في ذرى مَرقاكِ جيرانُ