غاية ما نستطيع علمه هو أننا لا نعلم شيئا . وتلك أعلى درجات الحكمة لدى البشر .
هذه المقولة من كاتب روائي مشهور من الفرنجة . ولكني عندما أتأملها أجد أن القرآن الكريم سبقه لهذا المعنى - وبصورة أدق - قبل أربعة عشر قرنا . إذ تقول لنا الآية الكريمة "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" . والآية طبعا أدق من كلام الكاتب لأن الله كرم بني آدم وحملهم في البر والبحر وفضلهم على كثيرٍ ممن خلقه تفضيلا . وجعل الملائكة تسجد لآدم لأسبابٍ جوهرية . فالإنسان له علمٌ (على قدر عقله) ، وله أخلاقٌ وله إيمانٌ بخالقه . ومن الناس الرسل والأنبياء والصديقين..إلخ . ولكن إذا ما عُقدت المقارنة بين علم الإنسان وبين ما يجري في الأكوان الشاسعة والفضاءات الواسعة الممتدة إلى ما لا نهاية نُصاب بالضآلة وندرك بأن علومنا التي نتباهى بها ونقيم لها حفلات تكريم للعلماء نوزع فيها جوائز نوبل وغيرها..ما هي إلا قطرة في المحيط الهادي . ملايين المجرات حول كوكبنا في كل مجرة ملايين النجوم والشموس والأقمار كلها محفوظة بقوانين جاذبية يعجز عنها إدراك البشر . ولقد قرأت ذات مرة عن كوكب يبلغ من الضخامة بحيث لو أقلعت طائرة بوينج من نقطة فيه في طيرانٍ مستمر حوله فإنها لا تعود ثانيةً إلي تلك النقطة إلا بعد مضي ألفي عام . حقا ما أوتينا من العلم إلا قليلا .