نظام متطور من الرابوطات يحاكي الكائنات الحية ويتفوق عليها
يشهد العالم من وقت لأخر زلازل يذهب ضحيتها آلاف أو عشرات آلاف الأشخاص، إضافة إلى الدمار الكبير الذي يلحق بالأبنية والشوارع والبنية التحتية للمدن، ويواجه رجال الإنقاذ عادة صعوبات كبيرة في العثور على الناس المحتجزين تحت الأنقاض لإنقاذهم، من هنا فان سرعة معرفة أماكن هؤلاء الناس تعني الكثير فيما يتعلق بحياتهم، لذا تأتي التكنولوجيا لتقدم الحل.
في إطار مشروع سيمبريون الذي تشارك فيه عدة جامعات أوروبية يخطط العلماء لاستخدام أسراب من الرابوطات المنمنمة المتطورة للنفاذ عبر أنقاض المباني المنهارة وتحديد أماكن المحتجزين لإرشاد رجال الإنقاذ وتوجيههم لإنقاذهم.
ويقول العلماء أن هذه الرابوطات قادرة على تغيير شكلها ذاتيا بما يتيح لها تجاوز أي عوائق أو المرور من أي منافذ مهما اختلفت طبيعتها، إضافة إلى إمكانية تدعيمها لأية أنقاض غير مستقرة، أو حتى إعطاء الدواء والماء للناجين المحتجزين، وبعد انجازها لمهمة معينة، تستطيع هذه الرابوطات تغيير شكلها بما يناسب المهمة التالية.
تعمل الرابوطات على البطاريات، ويمكنها تشارك الطاقة عندما تلتحم معا لتكون نظاما رابوطيا معقدا كبيرا حسب الحاجة، وعند ذلك فإنها تتحول من شبكة رابوطية تتواصل لاسلكيا إلى نظام متحد يتواصل مباشرة، ويوفر الطاقة اللازمة لعمل الأفراد العاملة في ذلك الوقت.
تحمل الأفراد في سرب الرابوطات مجسات مختلفة، ومن ذلك كاميرات فيديوية تنقل الصور إلى رجال الإنقاذ خارج البناء المنهار، ومجسات حرارية تحدد مكان المحتجزين تحت الأنقاض، ومجسات كيميائية تكشف أماكن تسرب الغازات الخطرة وتتشارك أفراد السرب المعلومات، بما يعني أن لا ضرورة لتحميل أي منها جميع أنواع المجسات.
عندما تلتحم الرابوطات معا لتؤدي عملا يفوق قدرة الرابوط الواحد، فإنها تصبح قادرة على تغيير شكل المجموعة الملتحمة، إذ قد تبرز سيقانا تتحرك عليها بسهولة اكبر، أو تتكور على شكل كرة لتتدحرج بسرعة وسهولة أو يمكنها حتى أن تأخذ أي شكل أخر يناسب طبيعة المكان الموجودة فيه وطبيعة المهمة التي ستؤديها وهي بذلك تحاكي عملية التكيف والتطور في الكائنات الحية للتلاؤم مع ظروف البيئة.
الرابوطات مبرمجة أيضا بما يصفه العلماء كنظام مناعة صناعي، بحيث انه إذا تعرض احد الرابوطات لخلل ما، يتم إبلاغ بقية أفراد السرب بوضعه، بحيث لا يمكن لهذا الرابوط الارتباط ببقية الأفراد وإعاقة عملها، وهكذا فان سرب الرابوطات في سلوك أفراده بشكل مستقل أو سلوك المجموعة عند التحامها معا، إضافة إلى تكيفها مع ظروف البيئة وتفاعلها معها، يمثل بكل معنى الكلمة نظاما حيويا متطورا لا يقل في قدراته وذكائه عن أي نظام نجده في عالم الكائنات الحية.