،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
/
.
/
.
.
توطئة //
.
في حقل أبي..كانت حياة،
و حقل أبي يشبه كل الحقول حينها..إلا أن أبي كان هو المختلف!
.
.
حقل أبي..هو الوطن!
/
/
في حضرة الأحزان ،جاءت الذكريات تتهادى،
مد أبي نظره بعيدا، و استعاذ!
انتبهت..حين ألقى بحجرٍ صغيرٍ -كان يداعبه بين أصابعه- في النهر، فتشكلت دوائرٌ متتابعة و متشابكة و بعض فقاعات..لم تلبث أن اختفت..
ابتسم أبي ابتسامته الباهتة التي تلازمه منذ عقود..و قال:
سينتهي!
ثم ركن رأسه إلى جذع شجرة التوت العتيقة التي لم تبرح مكانها منذ زرعها جدي منذ ...ثمـــ.. تسعـــ... أو مائة عام كما يروي لي أبي!
سألته في همسٍ ، خشية أن أعكر لحظات تأمله :
ما الذي سينتهي يا حبيبي!!
نظر أبي إليّ و كأنه لم يكن يعلم أني برفقته، ثم ابتسم ابتسامةً أخرى، قديمة..لم أرها في عينيه منذ كنت طفلة..ابتسامة برائحة البرتقال و لون الشمس..ابتسامة فيها فرح النخيل حين يعانق الفضاء..و فيها رقص الريحان عندما تداعبه نسائم صبح..
ابتسم ، و ضمتني ابتسامته القديمة..ثم مد يده نحوي، فاقتربت منه و كما كان يفعل منذ عقود..أخذني في صدره، ربت على كتفي..و مسح على شعري ، ثم قال:
الفرح يا بسمتي..الفرح سيعود
الحزن سينتهي!
ثم همس لي بصوتٍ قديم:
أأحكي لك حكاية؟
فقلت بلهفة كنت قد نسيتها :
نعم ،حبيبي
احكِ لي حكاية، فقد اشتقت حكاياتك منذ زمن!
بيده الأخرى تناول بعض التراب من تحت قدميه، و قربه في كفه نحو أنفه..و قال:
هذا التراب لم تتغير رائحته قط..لكنه اليوم حزين!
غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!
/
آهٍ يا أبي..ما تزال تحلم بأيامك القديمة!
أوجعك جدب الأرض و جفاف المطر..و النيل وحده غير قادر!
آهٍ يا أبي !
يا لهذا الوجع الممتد على درب الخروج ذي الاتجاه الواحد..
هل تنسى يا أبي!
أتنسى يا حبيبي..كم من طيرٍ هجر أرضك!
و كم من فراشةٍ اغتالتها نار الغياب!
أتنسى يا سيدي..كم من سنبلةٍ ماتت قبل أن تنعم بولادة القمح..!
حبيبي أنت و صابرٌ حد الموت تحت شجرة التوت التي دفن تحتها أبوك كما أوصى!
لماذا يا أبي أراك مؤخرا لا تفارقها..!!
لماذا يا سيدي تعيد اجترار الحزن ، رغم محاولتك لصنع رغيف أملٍ لا يكفي لسد جوعنا جميعا..!
سيدي..
بات زمن الفراشات بعيدا..و شجرة الورد البيضاء التي زرعتها لي..سرقتها يد الطوب،
و أما شجرتنا العتيقة..فهي قائمة و قد اعتصمت بالأرض و النهر..
لكنها يا حبيبي لم تعد تدرك كيف تضم الفراشات!
.
.
خروج //
ما تزال شجرة التوت تنادي،
و الفراشات عرفت الدرب ذا الاتجاه الواحد!
.
.
التوقيع
ضاقت السطور عني
و أنا..فقط هنا
نشيد جنازتي..يشجيني
ابتسم ، و ضمتني ابتسامته القديمة..ثم مد يده نحوي، فاقتربت منه و كما كان يفعل منذ عقود..أخذني في صدره، ربت على كتفي..و مسح على شعري ، ثم قال:
الفرح يا بسمتي..الفرح سيعود
الحزن سينتهي!
إنه أمل وأمنية من يعشق الأرض ووفياً لها
سبنتهي الحزن
ويعود الفرح ليزرع ابتسامته وتكبر الدوائر من جديد إن شاء الله
هذا التراب لم تتغير رائحته قط..لكنه اليوم حزين!
غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!
التفاؤل يسعد الروح ويبعث فيها الأمل رغم وجع الحقيقة
سترتفع أغصان القن من جديد لتتراقص حولها الفراشات وتعود رائحة التراب تعطر المكان
لماذا يا سيدي تعيد اجترار الحزن ، رغم محاولتك لصنع رغيف أملٍ لا يكفي لسد جوعنا جميعا..!
سيدي..
بات زمن الفراشات بعيدا..و شجرة الورد البيضاء التي زرعتها لي..سرقتها يد الطوب،
و أما شجرتنا العتيقة..فهي قائمة و قد اعتصمت بالأرض و النهر..
لكنها يا حبيبي لم تعد تدرك كيف تضم الفراشات!
من يعشق لا يصدق الحقيقة يرسم ما يريد متعكزاً بالإيمان وقوة الإرادة والعزيمة
نصك غاليتي فتح أمامي أبوباً عديدة
البر
علاقة الأب بأولاده
تعبه من أجل الاستمرار
الظلم وكيف يمد أياديه ليقتلع الفرح
والأمل رغم كل شيء
تذكرت أبي وتمنيت أن يكون بجانبي لأحنضنه كم تعب في رحلة حياته لنكون
الله من نص لامس القلب حقا نص فيه حوار جميل بين اثنين اب وبنت
فيه عمق الفكرة وابتسامة الأمل برغم كل شيء وإن مضى سيعود
رائعة أنت ونصك عاشق من الطراز الأول أحسنت لك شكري
تمنحنا ذكراهم يد تحمي ما غرسوه من ورد وتسقيه
أكتب وأمحو
عاجزة عن كتابة رد يليق بهذا الجمال
الكتابة عن الاب حساسة جدا لا تحتمل شق حرف
ربما يمنحنا التحدث عنه بعض الراحة
لكن ما إن نذكر هجرة الفراشات
نجد ذريع لدموعنا كي تنزف
طيب جدا جدا ما قرأت
تقديري ومحبتي
مواجع وطن ....
شجن ومحن...
والأرض عقيمة ....
كيف يا أحلام نعيد الفرحة ونتدارك ضياع الوطن......
كيف صديقتي تخصب حقولنا بعد جدب وكيف نعيد الفراش والطير والحلم في اتجاه الوطن
بكثير من الألم قرأت نصك .....
قد نعود كما كنا يا صديقتي فللتاريخ مقالب لا تؤتمن..