عاش زهير غانم منصرفاً الى الكتابة والريشة شاعراً وفناناً تشكيلياًوناقداً خبيراً في تحليل النص والألوان والخطوط. وكان مبدعا متعدد المواهب امتاز بالجودة على صعيد النقد الفني والرسم والشعر عدا عن تذوقه الجيد للفن وانحيازه للمستوى الجيد منه.
أعماله الفنية حملت سمة النضج ولاسيما أن زهير غانم تشخيصي ذو إمكانية تعبيرية عالية ويمتاز بمقدرة لونية وإنشائية في اللوحة لكنه آثر أن تكون الكلمة صلة الوصل بينه وبين المجتمع فاتجه للكتابة النقدية ومن ثم الأدبية من خلال أعماله الشعرية.
أقام زهير غانم عدة معارض فنية تشابه في مجملها إلى حد بعيد سواء في أفكارها وموضوعاتها قصائده التي اتكأت على العديد من المرجعيات الفلسفية والفكرية لتدلل على الكثير من مواجعه الداخلية حيث أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في سورية وبيروت ومدن أخرى.
والشاعر زهير غانم كان صديق الفن التشكيلي وواكب على مدى فترة طويلة من الزمن تجارب فنانين تشكيليين سوريين ولبنانيين حيث كتب عنها بلغة أدبية أنيقة تمزج إحساسه كشاعر بمقدرته الكبيرة على تذوق العمل الجمالي.
وقدّم زهير غانم في كتاباته نصاً إبداعياً أدبياً يحرص أن يكون موازياً للعمل التشكيلي الذي يكتب عنه.
آمن زهير غانم بجدوى الشعر وحالته الإبداعية وتماهي صاحبه مع هموم الناس والقضايا الوطنية والقومية ولاسيما معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي فكان يؤكد على التزام الشاعر بالقضايا العربية العادلة وتحفيزه الهمم للنهوض والتضامن متفائلاً بالحالة التي يؤديها الشعر عندما يعكس الشاعر في نصه الإبداعي هذه القضايا.
هذا وأكد زهير غانم على مقدرة الشعر في تشكيل جبهة مواجهة للاحتلالات من خلال استصراخه الضمائر وطرحه مفهوم الالتزام الإنساني وتشريح الظلم والعدوان تساعده في ذلك لغة الشعر وتعبيراته ومشهدياته الخاصة.
والشعر برأي زهير غانم فعل مجترح من عميم كيان الشاعر وصميم قلبه وهو يتطارح موضوعاته الأثيرة لديه عفو الخاطر فلا يتصنعها ولا يفتعلها ولا يتقصدها بل هي في سيرورة وعيه ولا وعيه وكثيراً ما كان يردد أن الحب في أصل الإنسان فطرة وكذلك الانتماء إلى الوطن.
عاش زهير غانم حياة غنية صاخبة لكنه كان دائماً ميالاً للمنجز الإبداعي الجدي ذي المستوى العالي وعاشقاً للاطلاع والإحساس الفطري بالحقيقة وهذا ما يظهر في ما نشره نقداً وشعراً ونصوصاً ومقالات حيث كان ملماً بكل فروع الآداب والفنون شعراً ورواية ومسرحاً وفنوناً تشكيلية.
نشر قصائده للمرة الأولى في الصحف والمجلات السورية مطلع السبعينيات. وهو من شعراء جيل السبعينات في سوريا وأحد رموز الحداثة الشعرية، ويعد غانم إضافة مميزة سواء على المستوى الشعري أو الفني، ويعد زهير غانم من أبرز الشعراء الذين كتبوا قصائد قصيرة مملوءة بالتفاصيل والجزئيات، وكان شعره يتناغم مع فنه التشكيلي فقد أقام عدة معارض تشكيلية فردية في دمشق وبيروت.
شكلت مجموعته الشعرية الأولى بعنوان "أعود الآن من موتي" أما مجموعته الأخيرة فصدرت قبل رحيله بوقت قصير بعنوان "عبير الغيوم".
أصدر زهير أربعة عشر ديواناً منالشعر بين عامي 1978 و2010 طبعت ونشرت في دمشق وبغداد وبيروت هي: أعود الآن من موتي 1978 اتحاد الكتاب العرب ، التخوم - دمشق 1979- اتحاد الكتاب العرب. الشاهد - دمشق 1985- اتحاد الكتاب العرب. أحوال الشخص المتابعد 1989، مدائح الأشجار - دمشق 1990- اتحاد الكتاب العرب. هديل الجسد اليابس 1991، جهة الضباب 1993، صخب الياسمين 1995، في مجرة الرغبات 1999، زهيرات وقبريات 2000، شمس منتصف الليل 2004، يحبك من لا يحبك 2007، مياهالمرايا 2009، وقبل رحيله صدرت عن دار بيسان اللبنانية مجموعته الشعرية الرابعة عشرة«عبير الغيوم» 2010 التي تميزت بقصائد التفاصيل والجزئيات، وتلجأ أحياناً كثيرة إلى مقدمات شبه سردية.
أقام زهير غانم عدة معارض للرسم، الأول فيالقاعة الزجاجية، وزارة السياحة عام 2000 والثاني في «دار الصياد» عام 2001 والثالثفي «سيتي كافيه» عام 2010.
كان يستعد عام 2011 لإصدار روايته التي تحمل عنوان «كتاب اعتراف» وكان مفترضاً ان تكون قيد الطبع والاصدار لدى «دار الدوسري» الكويتية. كما كان يستعد لاقامة معرض للوحاته الجديدة بعنوان «الوداع الأخير».
ولد الشاعر الراحل في مدينة اللاذقية على الساحل السوري عام 1949 وتخرج في قسم اللغة العربية من جامعة دمشق 1971 ثم توجه إلى بيروت ليعمل ناقداً فنياً وأدبياً طوال ربع قرن قبل أن يعود إلى مسقط رأسه إثر أزمة صحية أودت بحياته. الساعة الثانية عشر من منتصف ليل 31/12/2010 - 1/1/2011.
عمل الشاعر والفنان والناقد زهير غانم في عدة مطبوعات دورية يومية وأسبوعيةوشهرية في بيروت منذ عام 1984 حيث عمل محرراً ثقافياً في جريدة "الحقيقة" بيروت 1985 ـ 1987، ثم مدير تحرير لمجلة "التصدي" السياسية، ثم مدير تحرير ومشرفاً على القسم الثقافي في مجلة "العواصف"، ومارس الرسم الصحفي في عدة صحف منها الحقيقة، والناقد، والنهار، والديار والعواصف.
وشارك في المقاومة الاعلامية للعدوان وللاحتلال «الإسرائيلي» عبر دوره كمدير تحرير تنفيذي في مجلة «أمل» (1985 ـ 1990) ثم في مجلة «العواصف» (1990 ـ 1992) ثم ككاتب ومشارك في الصفحة الثقافية في صحيفة «اللواء» وعاد الى قواعده الثقافية في «الحركة الثقافية في لبنان» ليشارك في اصدار مطبوعاتها «مقاربات» حتى وفاته عند تمام الساعة الثانية عشر من منتصف ليل 31/12/2010 - 1/1/2011.
الأستاذ الفاضل حسين أحمد سليم
موضوع رائع ألقيت فيه الضوء على نتاج الراحل زهير غانم
ولكن مكانه ليس هنا
بل في منتدى أخبار الأدب والأدباء
فاسمح لي بنقله هناك
دام قلمك قلماً مبدعاً
تحياتي العطرة