شعر : جميل داري " رب يوم بكيت منه فلمـاصرت في غيره بكيت عليه" إلى العام الجديد الذي سيغدو قديما بين لحظتين رحـلَ القديـمُ بعذبـهِ وعـذابـهِ=وأتى الجديدُ و ها أنـا فـي بابِِـه كم كنتُ أسعـى أن أمـسَّ سمـاءَهُ=لكننـي مـا زلـتُ طـوعَ ترابـه كم كانت الأحلامُ ساطعـةَ الـرؤى=حتى توارت فـي كهـوفِ خرابـه وسألتـهُ عنِّـي وعمَّـا حـلَّ بـي=أصبحت ريشاً فـي مهـبِّ جوابـه لـم يكثـرثْ بذبـول عمـرٍ آفـلٍ=ومضى يردُّ المـوتَ عـن أسلابـه العذبُ عاشَ وماتَ ..لم أهنـأ بـهِ=وظللـتُ مأخـوذاً بزيـف سحابـه أمـا العـذابُ فرحـلـةٌ قسـريـةٌ=فـي بَرِّهِ..فـي بحـرهِ وعبـابـه فكـأنَّ هـذا القلـبَ صـبٌ هائـمٌ=فيعيـد مجـدَ هيامِـهِ وشبـابـه كان الهشيم حصـاد قلـب خائـب=و لكم رعى الأحلام فـي أعشابـه الأمسُ غابَ.. وجاء يـومٌ غيـره=وكلاهمـا بالـروح ليـس بـآبـه ما أقصـرَ العمـرَ الطويـلَ فإنَّـهُ=كدقيقـةٍ فــي حِـلِّـهِ وذهـابـه وتكسَّرَت كُـلُّ النوافـذِ فـي يـدي=لم أجنِ من عملـي سـوى أتعابـه العمـرُ مـاضٍ والزمـانُ يحُـثُّـه=ويكـاد أن يـودي بكـلِّ صوابـه كم كان حلمـي ثائـراً لا يرعـوي=ويؤجِّـج الدنيـا بـعـود ثقـابـه والآن قـد خمـد اللهيـب جميعـه=لـم يبـقَ غيـرُ رمـادِهِ وهبابـه كم تسخـر الأيـام مـن شرفاتـهِ=أو تسـدل الأكفـانُ فـوق قبابـه في نصف هذا الليل يرحـل عالَـمٌ=ويجيءُ آخـرُ فـي جميـلِ ثيابـه وأظـل أبـدأ مـن جديـدٍ رحلـةً=عبـر الزمـان بشهـدهِ وبصابـه عانيتُ من زمنـي الوعيـدَ فإنـه=ما كف يوماً عـن قبيـح خطابـه لا فـرقَ بيـن قديمـهِ وجـديـدهِ=فكلاهمـا يقتـات مـن إرهـابـه الصبر ولَّـى.. لـم يعـد متحمـلا=للصبر حـدٌّ فـاض فـي تسكابـه عمـر تنصَّـل بغتـةً مـن عمـره=وبقيـت مرميـاً علـى أعتـابـه حلَّ الغـرابُ فـلا حمـام بعالمـي=شتَّـان بيـن حمامـه وغـرابـه عامٌ مضى.. عامٌ يجيء.. كلاهمـا=مستهـتـرٌ بزميـلـه المتشـابـه ويقول لي عامي الجديد:"هلا هـلا"=فأقول:هل سأعيـش فـي جلبابـه فغداً ..غـداً ضيـفٌ ثقيـلٌ قـادمٌ=أهـلا بـه و بمُِّـر.. مُِّـر شرابـه ماذا سأفعـلُ غيـر دفـعِ شـرورهِ=لا خيرَ يبدو فـي شريعـة غابـه مـاذا سأفعـل والزمـان يَحُثُّنـي=لأكونَ رغـم الأنـف مـن أذنابـه لكنـنـي لا أستطـيـع رضــاءه=وعلـيَّ ألَّـبَ كـل جيـش كلابـه صدري يضيقُ ولا تضيـق بناتُـهُ=حتى غـدا يبكـي طلـولَ رحابـه كم كان يطلع منه نجـمُ قصائـدي=تترى ، ويغفو الحب فـي أهدابـه لا نجم بعـد اليـوم يبـدو تربـه=فلقد تخلَّـى اليـوم عـن أترابـه كل الذي في جُعبتي مـا عـاد لـي=روحٌ محـطـمـةٌ وراء إهـابــه بيني وبين الوقـت سـوء تفاهـمٍ=إيـاك... والتسـآل عـن أسبابـه فالوقـت يأخذنـي علـى تـيـارهِ=ما زلت أحسو الشعرَ مـن أنخابـه وأنا الذي لا بَرَّ لي.. لا بحـرَ لـي=إنـي أرانـي فـي خضـمِّ يبابـه الوقت يمضـي مُذعنـاً مستسلمـاً=لا فـرق بيـن حضـوره وغيابـه كم قد ضحكت وكم بكيت سدى سدى=لم يبق لي غير الصـدى و رهابـه مـر القديـم بعـذبـه وعـذابـه=وأتى الجديد وهـا أنـا فـي بابـه قد كنت آمـل أن يؤجِّـجَ نجمتـي=ما زال نجمي مطفأً.. مـاذا بـه..؟ جاملته.. وفرشـت أشعـاري لـهُ=ورجعـت دون ثنـائـه وثـوابـه بل رحت أحلم كيف أنجـو سالمـاً=فوجدت نفسـي لقمـةً فـي نابـه يجترنـي وكأننـي عـلـفٌ لــه=ولكـم خُدِعـت بلطفـه وعتـابـه يا أيها العام الجديد ..ولا جديـد...=لديـك غيـر تفاؤلـي وسـرابـه وغداً ستغـدو مثـل غيـرك آفـلا=وأسيـر كالأعمـى وراء ضبـابـه