انتهت الحكاية تاركة خلفها بقايا ذكريات، يذكرني بها ليل كنا نؤرقه ثرثرة ونجوم حيرى كانت تحرسنا من أعين الفضوليين..
أحببت اسمي عندما استكانت أحرفه على فوهة قصيدة انطلقت صوب أعماقي وانفجرت في أعمق نقطة لتسري شظاياها في خلاياي وتشعل فتيل حرب بين عقلي وقلبي..
كم كنت بارعاً في التصويب فكسبت المعركة من الجولة الأولى وغرست رايتك قبالة قلبي لتعلن احتلالك له رسمياً بأمر الحب، والعجيب أن حصوني العصية انهارت أمام نبضي المتواطئ معك..
بعد رحلة نصفها صبر ونصفها أمل.. أجهض قلبي الحكاية قبل أن تكتمل..
كتبت لك كثيراً وانسابت أحرفي كدمعي..كانت أحرفي عاقراً لأنها عجزت عن ولادة قصيدة بحجم وجعي..كانت أصابعي تعانق قلمي وتدوردورة كاملة على الورق لترسم دوائر من فراغ يخلخلني فأنكمش على نفسي وأعود الى بداية الصفحة للبحث عني..
اليوم بت أؤمن بأن الحياة مسرح كبير..نتبادل فيها الأدوار..لقد كنت أفرد الأرائك للعشاق المعذبين..أستمع لهم بكل ما أوتيت من حكمة وصبر وخبرة ولم أكن أتخيل بأنني سأتمدد ذات خيبة على إحدى هذه الأرائك وأنا أعاني ذات الأعراض التى كنت أداويها بكبسولات من كلمات مهدئة مضادة لكل حالات الإحباط.. تعاطيت نفس الكبسولات لكنها لم تفلح معي وكأننا في خيباتنا العاطفية نصاب بحالة فقدان لقدراتنا ولا نشفى الا بمساعدة الأخرين..
نصيحة لك قبل أن أطوي الصفحة..إبحث عن أدوات أخرى لغزو قلوب جديدة لإن لكل حواء شيفرة مختلفة..أتمنى أن توَفَق هذه المرة وأن ينحسر عنك سوء الحظ ويرسو مركبك على ضفاف امرأة تجمع صفات كل أناث الكون..امرأة خرافية كتلك التى في الأساطير..لكنها بالتأكيد لن تشبهني..ولن تحمل جيناتي الموشومة بالوفاء..
لا تبحث عن شيئ مني في أي امرأة ..فأنا امرأة لا يشبهني أحد..
قوية أنا..اليوم اكتشفت هذه الحقيقة عندما انسلخت عن جلدي عنوة لأن مساماته مازالت تدين لك بالولاء ..
اليوم غسلت عيني من كل الصور المشتركة التى تضمنا معاً..
اليوم أعلنت أذني عن مغادرة أخر نغمة من صوتك إلى وجهة غير معلومة..
اليوم سقيت قلبي رشفة إرادة فتجددت عذريته وانتظم نبضه وتصالح مع عقلي..
أكتب الآن بلا دموع.. بلا توقعات..بلا شك..بلا غيرة..
أكتب من الربع الخالي من عقلي الذي ابقيته بكراً للحظة كهذه اللحظة..
أكتب كي أدون حكايتي للحالمين والحالمات الغارقين في لوثات العشق والمذعورين من شبح الموت مفرق الجماعات..يظنون بأن حياتهم مربوطة بخيط رفيع ينقطع ببعد الحبيب..لا يعلمون بأن الموت رحيم بل أرحم مما يتخيلون لإنه لا يزور القلوب المصابة بحمى المشاعر ..
ما أصعب أن ننزف الكثير من نبضنا والكثير من قناعاتنا..لكن الأصعب أن نغمض أعيننا ونتقمص دور الدراويش..
ما أقسى اللون الرمادي عندما يغطي المساحات الوردية من أحلامنا ..والأقسى أن نتظاهر بالبهجة وكل ما فينا يبكي بحرقة..
ما أجمل شهقة الاستفاقة التى تضخ في وجداننا حالة من الوعي الذي يعيد لنا رشدنا لبداية أكثر توازناً..
اليوم سأزيح الستائر وأشرع نافذتي للضوء..سأبحث عن غيمات حبلى بمطر نقي يغسل روحي من خطيئة تعلقي بك..
سأفتح باب حديقتي للشمس وسأستضيف الصباح ليشاركني فنجان قهوتي لنغرق سوياً في أحضان صحيفتي اليومية المثخنة بالأحداث المؤلمة، فمشاركة الحزن مع الأخرين رحمة..
وأعدك بأنني لن أحرق سفن الشوق لأنني سأحتاجها للإبحار في ذاكرتي عندما يجتاحني طوفان الحنين اليك..
سلوى حماد