ومِن أرضِ الطفوفِ أطلَّ مجدٌ
لَعَمرُكِ ما يعالجُني الطّبيبُ = إذا ما غابَ عَنْ عيني الحبيبُ
يلازمني الحنينُ إلى طلولٍ = نعاها بعد دارِسِها الخطيبُ
فلا نجمٌ يُسَليني بليلٍ = ولا غيدٌ إذا بدأ النَّحيبُ
تُجاورني الرزايا لا الأماني = وعندَ الرُّزءِ يهجُرني الجنيبُ
تُجرِّدُني المآسي كلَّ صَبري = كحَقلِ العُشبِ جرّدَهُ الدّبيبُ
وفي إنسانُ عيني بحرُ دمعٍ = بهِ ترسو المصائبُ والخطوبُ
فما هدأت دموعي حين وجدي = على آثارِها فرَحٌ يغيبُ
إذا رَضَعَ الفتى ثدْيّ الرزايا = تُلازمُهُ المدامِعُ والكُروبُ
وإنّي قدْ رَضعتُ الوجدَ عِشقاً = وعمري في البلاءِ لهُ ربيبُ
وما للعينِ إلاّ الدمعَ شغلٌ = لكلٍّ في الورى منها دروبُ
وكمْ سَحّتْ مِن الأحداقِ دَمْعاً = عيونُ الناسِ تتبعُها القلوبُ
غداةَ سرَتْ ركائبُهُمْ بفَخْرٍ = سناها المجدُ والحَسَبُ الحَسيبُ
فساروا وأستهلَّ الدَّمعُ منهُمْ = لهُ في مقلةِ الدُّنيا لهيبُ
بهمْ طافتْ علومٌ راسِخاتٍ = بهمْ تحيا المدائنُ والشُّعوبُ
وأنّى يممّوا للعزِّ نهْجاً = تبيّنَ أنّ مطلبَهُ قريبُ
همُ السُّعداءُ رغمَ الطّعنِ فيهمْ = إذا غابوا رسالتهمْ تؤوبُ
إذا برز الكماةُ لنيلِ نصرٍ = يضيقُ ببأسهم هذا الرحيب
ففي صولاتِهِمْ فَجْرٌ ونَصْرٌ = وهذا المجدُ ليسَ به عيوبُ
لهُم فِكرٌ لهُمْ عَزمٌ وشأنٌ = لهُمْ أرضٌ إذا ذُكِروا تطيبُ
وطُفْ في ساحةِ المجدِ افتخاراً = بها روحٌ ، ولو سُئِلَتْ تُجيبُ
هنا المجدُ الذي يسقي نُفوساً = كصافي الماءِ يعرفُهُ القليبُ
هنا النهجُ القويمُ أقامَ صِرحاً = عليهِ الفكرُ والشّرفُ المُهيبُ
ومِن أرضِ الطفوفِ أطلَّ مجدٌ = عظيمٌ في تجذّرِهِ رهيبُ
هنا أرضُ الحسينِ بها سناءٌ = وأنوارٌ على الدُّنيا تجوبُ
فيأتي عندَها الأحرارُ عِشقاً = كما ترسو بشاطئِها القلوبُ
فلمْ أرَ مثلَ ما عشِقوا ونالوا = كأنَّ النَّصرَ ميعادٌ قريبُ
أبَتْ إلاّ النهوضَ بغيرِ خوفٍ = ليَسْطَعَ مِنْ عزائمِها الوثوبُ
فقلْ للحاقدينَ بأيِّ ذنبٍ = قتلْتُمْ خيرَ مَنْ لبّوا .. أجيبوا ؟
فما كانَ ارتحالُهُمُ انكساراً = فنورُ الشّمسِ مِعطاءٌ عجيبُ
ستنحسِرُ الغيومُ عن اللّيالي =ويعلو بعدَ طلْعَتِها الخَصيبُ
سلامٌ يا أبا الأحرارِ عنّا = وَدَمْعُ الثاكلاتِ لهُ صَبيبُ
وَنَوْحٌ لليتامى بافتجاعٍ = كَمنْ نزلَتْ بساحَتهِ الكُروبُ
وليسَ أحبُّ مِن دَمعٍ سَخينٍ = وقلبٍ كَمْ تُحَفزّهُ الخُطوبُ
فإنّكَ قدْ فلَقْتَ القلبَ حُبّاً = وعشقاً أيها السّبطُ الحبيبُ
أبو حسين الربيعي أكملت في 18/7/2016 – 13 شوال 1437ه - دبي