أرغب ببكاء طويل لا يرقأ فيه دمعي . أرغب بصراخ طويل لا تمل منه شفتاي . أرغب بقصيدة محكمة القوافي لا أفرغ منها حتى تضع آهاتي أوزارها . و أرغب .. و أرغب .. و أرغب . فهل لما أرغب من سبيل ؟
تتضاءل الآفاق ، و يكبر الفراغ في الصدر ، و تغرب آمال و تشرَع معاول ، و بين كل هذا أبقى خالياً إلى نفسي ، أخاطبها بإشارات لا يفهمها سواها .
للقلب مرافئ كبرى ، لكنَّ للعقل مرافئه كذلك ، و الحلم طويل لا ينتهي ، و الميناء لا مكان فيه لسفن آتية من المجهول .
تتقاطر السماء إليَّ فأخبئها في كنانة من شغف بالمستقبل ، أنظر في قعرها فأراها بلا قعر ، و أجد كل شيء قد ضاع مني دون أن أدري .
هو التبدد و الخواء ، شعور غريب ، لكنه حقيقة خير من الشعور بعواء الحزن من ذات أسيفة . و هو الأسى ، مطر خفيف يداعب الدنيا بحبات الندى ، و يحمل معه بهجة لا تنتهي ، و حزناً رقيقاً يدندن على شغاف الروح .
و هو اللهفة ، صوت طير مذبوح يتأوه عند منعطف القلب ، لا يسمعه غير صاحبه ، تعلو به عقيرة مكلومة ، يرافقها عزف من مغنٍّ تائه عند أطراف نهر بعيد . هو كل ذلك .. و ما كل ذلك إلا رغبات لقلب تأوه مرات لأحمال السنين .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ