الـُفـضيل بن عياض التميمي (يكنى أبا علي) . من التابعين.
هو الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي اليربوعي شيخ الحرم المكي من أكابر الصلحاء كان ثقة في الحديث أخذ عنه خلق كثير منهم : الإمام الشافعي ، ولد بسمرقند ودخل الكوفة ثم سكن مكة .
عن إبراهيم بن أحمد الخزاعي ، قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول لو أن الدنيا كلها بحذافيرها جعلت لي حلالاً لكنت أتقذرها .
وعن أبي الفضل الخزاز قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول : أصلح ما أكون أفقر ما أكون ، وإني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي .
وعن عمرو الأسدي قال : سمعت الفضيل بن عياض عشية عرفة بالموقف وقد حال بينه وبين الدعاء البكاء يقول : واسوأتاه وإن غفرت .
وعن الحسن بن زياد قال : دخلت على الفضيل يوماً فقال : عساك ترى أن في ذلك المسجد يعني المسجد الحرام رجلاً شراً منك ، إن كنت ترى أن فيه شراً منك فقد ابتليت بعظيم .
وعن إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل يقول : ما يؤمنك أن تكون بارزت الله بعمل مقتك عليه ، فأغلق دونك أبواب المغفرة وأنت تضحك كيف ترى حالك .
وعن الفضيل بن الربيع قال : حج هارون الرشيد ، فأتاني فخرجت مسرعا فقلت : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيك فقال : ويحك قد حك في نفسي شيء فانظر لي رجل أسأله فقلت : ها هنا سفيان بن عيينة فقال : إمض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعاً فقال : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك فقال له : خذ لما جئناك له رحمك الله فحدثه ساعة ثم قال له : عليك دين ؟ قال : نعم، قال: أبا عباس اقض دينه ، فلما خرجنا قال ما أغنى عني صاحبك شيئاً انظر لي رجلا أسأله فقلت له : ها هنا عبد الرزاق بن همام قال : امض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب فقال : من هذا؟ قلت أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعاً فقال: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك، قال : خذ لما جئناك له فحادثه ساعة ثم قال له : عليك دين ؟ قال : نعم ، قال أبا عباس : اقض دينه فلما خرجنا قال: ما أغنى عني صاحبك شيئاً انظر لي رجلاً أسأله قلت : ها هنا الفضيل بن عياض قال : إمض بنا إليه فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها فقال : ما لي ولأمير المؤمنين فقلت : سبحان الله أما عليك طاعة ؟ فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ المصباح ثم التجاء إلى زاوية من زوايا البيت فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت كف هارون الرشيد قبلي إليه فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غداً من عذاب الله عز وجل ، فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له خذ لما جئناك له رحمك الله ، فأخذ الفضيل يعظ الخليفة حتى بكى بكاءً شديداً ، فقلت له إرفق بأمير المؤمنين فقال : يا أبن الربيع تقتله أنت وأصحابك وارفق به أنا ، فأخذ هارون الرشيد يستزيده . فقال له هارون عليك دين قال : نعم دين لربي يحاسبني عليه فالويل لي إن سألني والويل لي إن ناقشني والويل لي إن لم ألهم حجتي ، قال : إنما أعني دين العباد ، قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمر ربي أن أوحده وأطيع أمره ، فقال هارون : هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادتك فقال : سبحان الله ، أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا سلمك الله ووفقك ثم صمت ولم يكلمنا ، فخرجنا من عنده فلما صرنا إلى الباب قال هارون : أبا عباس إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين ، فدخلت عليه امراة من نسائه فقالت : يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال فلو قبلت هذا المال ، فتفرحنا به ، فقال لها : مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال فلما علم الفضيل خرج فجلس في السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت : يا هذا، قد أذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف رحمك الله فانصرفنا .
توفي الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى سنة سبع وثمانبن ومائة.