نفق مظلم
انتابني ذات صباح شعور بالجمال والأمل مع أنّني أحسست بفراغ داخلي مهيأ لاستقبال قوافل من المشاعر، ورحت أتراقص على أنغام فيروز الصباحية ،و أردّد معها بعض الكلمات التي علقت بذاكرتي.
تزينت وتعطّرت بعطري الفرنسي الذي أهملته من مدة وكنت قد نسيته و أظن أنّ زوجي وضعه أمامي لغرض ما وهو يعلم كم أعشق هذا العطر.نظرت إلى الساعة المعلقّة بجدار الغرفة فكانت تشير إلى السابعة صباحا موعد استيقاظهم.
دخلت على الفورالمطبخ، وكان بي شوق إليه غير طبيعي ،ففوجئت بطريقة ترتيبه و بدا لي غريبا وكأنّه ليس مطبخي .لا أنكرأنّه كان مرتبا بصورة أفضل... فقلت في نفسي لعلّ إحدى بناتي فعلت ذلك سأشكرها حين استيقاظها.ورحت أحضّر مائدة الفطوروألوم نفسي على ترك المزهرية فارغة وهذا التصرف غريب عنّي.فاتجهت صوب الحديقة وهناك زادت حيرتي،إذ لم أر هناك ما يسرّني كانت ورودي ذابلة وو جهها شاحبا وخضرة سيقانها فاترة؟ ! ومنها ما تساقطت أوراقها ، و الحشيش البريّ عانق الأرض و استشرى هنا وهناك ، تأسفت لما حلّ بجنتي الصغيرة وقد كنت أسقيها كلّ صباح.هل تخليت عنها كلّ هذه المدة ؟ !عدت إلى مائدتي مكسورة الخاطر مما رأيت ،حزينة على ما أصاب حديقتي، ألوم نفسي على إهمالي.
جلست أنتظر باقي أفراد الأسرة،وما هي إلاّ ثوان حضر الجميع و ألقيت التحايا الصباحية.نظرت إليّ ابنتي نظرة غريبة ولم تتوان عن سؤالي: إلى أين أنت ذاهبة ياأمي؟.رددت دون تفكير:ماذا دهاك ؟ !طبعا إلى العمل،فضحك الجميع وفي اعتقادهم أنني أمزح
استفزني تصرفهم فصرخت بأعلى صوتي و أجهشت بعدها بالبكاء،ففهم الجميع أنني لم أكن أمزح و إنّما هي نوبة من النوبات التى باتت تلاحقني مذ تقاعدت عن العمل.
ولا زلت أعايد الطبيب النفسي.
صمت الجميع ، أمّا ابنتي فقفزت من مكانها وعانقتني بحرارة أذابت هواجسي وهدّأت من روعي..تظاهرت بانني على أحسن حال ورحت أرتّب المائدة في هدوء وبشكل طبيعي.ذهب الاولاد إلى جامعاتهم بعد أن اطمأنوا على حالي.
وبقيت أنا برفقة هواجسي واكتئابئ أسترجع الصور الاخيرة و أتذمر من تصرفي.وفجأة رنّ الهاتف،كانت أمي تسأل عنّي _أكيد أخبرتها إحدى بناتي عمّا حدث_ وتدعوني للذهاب معها وأخواتي في نزهة إلى مكان تعرفني أعشقه منذ الطفولة.وافقت على الفور ودون تردد حتى لا تشك في شفائي و أنني صرت بأحسن حال . وصلنا إلى المكان ورحت ببصري صوب الفضاء الاخضر فانتابتني قشعريرة ملأت روحي بهجة وغبطة فاستدرت نحو أمي فرأيتها تحدّق بي وتبتسم عرفت كم كانت تتألم وأنا حبيسة الدار أصارع المرض.جلسنا نستظل تحت شجرة باسقة قاسمتنا سحر المكان تذيلتها أعشاب برّية شاركتها الحياة تبادلنا أطراف الحديث ما بين طرافة وجد،تعالت أصواتنا والابتسامة لم تفارق ثغر أمي.وفجأة سمعت أصواتا تملأ فضائي تتبعها صراخات مريعة و أنا أصارع الموقف خوف انتباه أمي وهي في قمة السعادة.لست أدري كيف وصلت إلى المستشفى فبعد استيقاظي سمعت الطبيب يقول لامي الحمد لله سلمت هذه المرة من النوبة العصبية ولكنّها مازالت لم تتقبل مرضها بالزهايمر.
مرة أخرى ,سيدتي ليلى , تمزجين بين الأحلام واليقضه..لكنك تجيدين الدخول الى الحقيقه من خلف ستار الحلم..
فلنتحدث عن الحقيقه التي طرقت أبوابها..ياسيدتي انها نعمة من الله أن نقبل الحاضر والواقع..ولكل حال جمال ..للتقاعد جمال خاص..والأولاد والبنات الذين يذهبون الى الجامعه يقرعون الأجراس أننا لم نعد كما كنا قبل عشرين عاما لكننا فرحون بما نحن عليه..فهي نعمة من الله ولو لم نكن كذلك لقضينا أيامنا حزنا على الأيام..
مرة أخرى ,سيدتي ليلى , تمزجين بين الأحلام واليقضه..لكنك تجيدين الدخول الى الحقيقه من خلف ستار الحلم..
فلنتحدث عن الحقيقه التي طرقت أبوابها..ياسيدتي انها نعمة من الله أن نقبل الحاضر والواقع..ولكل حال جمال ..للتقاعد جمال خاص..والأولاد والبنات الذين يذهبون الى الجامعه يقرعون الأجراس أننا لم نعد كما كنا قبل عشرين عاما لكننا فرحون بما نحن عليه..فهي نعمة من الله ولو لم نكن كذلك لقضينا أيامنا حزنا على الأيام..
لك كل السعادة والفرح ولوالدتك الصحة والسلامه..
قراءتك صحيحة أسعى دائما في قصصي أن أمزج بين الخيال والواقع أو اليقظة والحلم وهي البصمة التي أتركها للمتلقي
شكرا للمرورك
كل التقدير
الأستاذة الفاضلة ليلى أمين لغتك السردية بتهويمات تفاصيل المكان والزمان لها روعتها
وجاذبيتها في شد القاريء الكريم والغوص في حنايا النص . كنت هنا كسائح في أفياء
مدن حرفك .تقبلي تحياتي ودمت في رعاية الله وحفظه
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
الأستاذة الفاضلة ليلى أمين لغتك السردية بتهويمات تفاصيل المكان والزمان لها روعتها
وجاذبيتها في شد القاريء الكريم والغوص في حنايا النص . كنت هنا كسائح في أفياء
مدن حرفك .تقبلي تحياتي ودمت في رعاية الله وحفظه
أكيد أفخر و أعتز بقارئ يختار العقاد ليكون توقيعه
سررت بمرورك
تحية تقدير وامتنان
عندما تجيئ القصة بهذا الإبداع في انجذابها الى اقاصي الذّات نتلقاها بجمالية خاصّة...فنتفاعل مع أحداثها التي تنهض على وضعية جديدة قد يصعب الركون الى قراراتها ...
ففي هذه القصة على قصرها نغرق مع نفس مرهفة تتوق دوما للعطاء وترفض زمنية الحاضر وتجعلنا نوغل في سبر أغوار خفيّة لمربيّة أحيلت على التّقاعد المبكّر ...
المضمون شيّق بتفاصيله ودقائقه وملابساته ضف اليه هذه الشعرية في اللغة التي شكلت مقوما اسلوبيا مخصوص قادنا الى رؤية هواجس نشترك فيها ونلتقي عندها في فترة الإحالة على المعاش واسترجاعها .
فهذا الحاضر وان بدا للقاصة غريبا فهو يشد الماضي اليه والماضي بكل تفاصيله ومحطاته لا تخفي سماته غلالة فهو يشفّ ليصير في مركز رؤيتنا وفي بؤرة اهتمامنا وهو ما حدث للقاصة وهي تستعدّ للخروج للعمل ناسية أنها في مرحلة التقاعد.
قصّة رائعة وجدتها كلمحة سينمائية ترجّ متلقيها .
عندما تجيئ القصة بهذا الإبداع في انجذابها الى اقاصي الذّات نتلقاها بجمالية خاصّة...فنتفاعل مع أحداثها التي تنهض على وضعية جديدة قد يصعب الركون الى قراراتها ...
ففي هذه القصة على قصرها نغرق مع نفس مرهفة تتوق دوما للعطاء وترفض زمنية الحاضر وتجعلنا نوغل في سبر أغوار خفيّة لمربيّة أحيلت على التّقاعد المبكّر ...
المضمون شيّق بتفاصيله ودقائقه وملابساته ضف اليه هذه الشعرية في اللغة التي شكلت مقوما اسلوبيا مخصوص قادنا الى رؤية هواجس نشترك فيها ونلتقي عندها في فترة الإحالة على المعاش واسترجاعها .
فهذا الحاضر وان بدا للقاصة غريبا فهو يشد الماضي اليه والماضي بكل تفاصيله ومحطاته لا تخفي سماته غلالة فهو يشفّ ليصير في مركز رؤيتنا وفي بؤرة اهتمامنا وهو ما حدث للقاصة وهي تستعدّ للخروج للعمل ناسية أنها في مرحلة التقاعد.
قصّة رائعة وجدتها كلمحة سينمائية ترجّ متلقيها .
أهلا بالغالية بين سطوري
قراءتك للقصة زادتها نورا ونثرت ورودا حولها
إذا كان غيابك عنّا يهدينا هذه الدرر فستشفع لك مدة غيابك
المهم أن تكونين بألف خير لتطلين علينا بهكذا جمال
سلمت و بورك حرفك
محبة لا تبور
ســلام الله وود ، الله الله الله سـردية ماتعة في فن الحكي جاءت على لسان الراوي / الراوية وهنا احتراق الكاتب المبدع الحقيقي - برأيي- الراصد المتأمل..في هذه القصة التي تدور أحداثها ، بعد التقاعد داخل المنزل ... وما يطرأ على بطلة النص ، من تغيرات سكيولجوية كالنسينان مثلا والعصبية الزائدة ...الزهايمر...الخ... استطاعت الناصة وأخيتنا وأديبتنا أ.ليلى أمين اقتناص لحظة صعبة ، وفي كل تداعيتها السيكولوجية ، لتلج عوالم الشخصية في بنيتها العميقة ورفضها ما آلت إليه بكل حرفية وجمال... نص من نفائس الكلام في الركن ...!! أجـدتـم و أبـدعتم ... نص من نفائس الكلام في الركن ...!! أجـدتـم و أبـدعتم ... شــكرا للامتاع لـكم القلب ولـقلبكم الفرح بـورك مـدادكـم مـودتي و مـحبتي