يا ابن عباس: أخبرنا عن قول الله عزّ وجلّ: (جَنَفاً) .
قال: الميل والجور في الوصية.
قال:وهل تعرف العرب ذلك؟
قال:نعم، أما سمعت عدي بن زيدوهو يقول:
وأمك يا نعمان في أخواتها تأتـــــي ما يأتينـه جنفــــــا
(المعاني) جَنَفًا الجذر: جنف الأصل: جَنَف معناها بالإنجليزية: (any) error
· جنفا:ميلا عن الحقّ خطأ ً و جهلاً
· جنفا:جنفاً: ميلاً و عدولاً عن الحق، و جَوراً.
· جنف:أصل الجنف ميل في الحكم، فقوله تعالى:﴿فمن خاف من موص جنفا﴾، أي: ميلا ظاهرا، وعلى هذا:﴿غير متجانف لإثم﴾ ]المائدة/3]، أي: مائل إليه.
(مِنْ مُوصٍ جَنَفاً)أي جورا عن الحق، وعدولا،قال عامر الخصفيّ:
هم المولى وقد جنفوا علينا وإنّا من لقائهــم لزور([1])
جنفوا: أي جاروا، والمولى هاهنا فى موضع الموالي، أي بنى العم.
الكلمة وحيدة الصيغة، وليس معها من مادتها في القرآن إلا اسم الفاعل من التجانف في آية المائدة 3،فيما حُرَّم من طعام: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وتفسير الجنف بالميل والجور في الوصية، واضح القرب.
وقال" الراغب":أصل الجنف ميل في الحكم، وذكر الكلمتين من آيتي البقرة والمائدة(المفردات) .
ومعنى الجنف في الآية: الجور، عند الفراء(1 / 111)والهروي في الغريبين(1 / 410)وهو الجور عن الحق والعدول عنه في مجاز أبي عبيدة(1 / 66)ونقل فيه الطبري: الخطأ والإثم العمد، والجور والعدول عن الحق، والميل(2 / 72)وفي تهذيب الأزهري عن الزجاج: الميل والإثم(11/111)وهي معان متقاربة. وقال ابن الأثير: الجنف الميل والجور،يقال: جنف وأجنف إذا مال وجار. . . وقيل: الجانف يختض بالوصية، والمجنف المائل عن الحق. ومنه حديث عمر،وقد أفطر الناس في يوم من رمضان ثم ظهرت الشمس: "نقضيه، ما تجانفنا فيه لإثم" أي لم نمل فيه لارتكاب الإثم. (النهاية)وفي(ق)أجنف مختص بالوصية، وجنف كفرح، في مطلق الميل عن الحق.يرد عليه، أن القرآن استعمل الجنَف، لا الإحناف في الوصية. وفي(س)أن العرب تقول: جَنَف في الوصية، وجنف علينا في الحكم. ويبدو أن الميْلَ أصل في الدلالة،نقلا من قولهم:رجل أجنف، مائل في أحد شقيَّة(خلق الإنسان 242، والمخصص 2 / 19)ثم تخالف العربية بين الألفاظ المشتركة في معنى الميل، لفروق في الدلالات، فتجعل الازورار للإعراض، والصد نقيض الإقبال، والزور للباطل والميل عن الهدى، والجور للميل عن العدل على وجه القهر والغلبة، والجنَف للميل عن الحق الواجب، فيكون منه الجور في الوصية، والميل عن الإنصاف في الحكم. ولاجنف في آية البقرة، متعلق بالوصية بصريح اللفظ. وعطفَ "إثماً" عليه بحرف أو: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا)من حيث يميل الموصِى عما ينبغي له من إنصاف لأهله، أو يأثم بالميل عن حدود الله في الوصية. على ما هو مبين بتفصيل في تفسير الطبري(2 / 72).
[1] عامر الخصفى: هو من حى خصفة بن قيس عيلان، له ذكر فى السيرة (جوتنجن) ص 65 وانظر التاج (خصف) . - والبيت فى القرطين 1/ 15، والقرطبي 2/ 269 من غير عزو، وعزاه فى اللسان (جنف) .