نتحدث جميعا عن ظاهرة الفساد المستشري في مفاصل الدولة ومؤسساتها سواء في الإدارة او المالية، وما يتعلق بالخدمات ذات الأهمية البالغة للمواطن كفرد او كمجتمع، وننسى اوجها اخرى لهذه الظاهرة ربما تكون اكثر خطورة وتأثيرا على مستقبل البلاد وتطورها، وهي ترتبط تماما بسلوك المواطن الفرد والاسرة وبعلاقتهما بالمال العام والثروة الوطنية، وكيفية استخدامهما والتعاطي معهما.
منذ الطفولة ورثت الأجيال عادات وسلوكيات لا علاقة لها البتة بالمواطنة الصالحة وحب الوطن وماله وما فيه وما عليه، منذ كنا نحفر أسمائنا على مقاعد الدراسة الخشبية ( الرحلات ) وحتى عمليات التبذير الرهيبة في استخدام الطاقة سواء في الماء أو الكهرباء او الغذاء، ولعلنا نتذكر وما زلنا جميعا تلك الكميات الكبيرة من الغذاء التي ترمى الى النفايات يوميا من البيوت والمطاعم وعلى جميع المستويات والطبقات، ويعرف الجميع كيف يتعامل المجتمع والإدارة في الدول المتقدمة مع هكذا ظواهر وحتى على مستوى الفرد، حينما يطلب وجبة غذاء تزيد كثيرا عن حاجته فتصبح فضلات، حيث تعاقب القوانين المرعية هناك تصرفا كهذا تحت طائلة انك حر في أموالك لكنك لست حرا في العبث بالثروة الوطنية!؟
ودعونا نتذكر موائدنا في البيوت او في المطاعم وبالذات في العزائم والمباهاة والنفاق الاجتماعي الذي يكلف دولتنا ومجتمعاتنا الكثير مما تنتجه أو تستورده من غذاء، وفي ذات السياق هل سألنا أنفسنا كيف نستخدم الأدوية وبالذات تلك التي تصرف مجانا في المؤسسات الحكومية، وهل هي فعلا ضمن سياقات اخذ وتعاطي الأدوية، وهل استخدمنا أجهزة الاتصالات وفق معايير الاستخدام المتحضر وبالذات في أجهزة التخابر؟
لا اعتقد انه هناك فردا واحدا في بلادنا لا يشاهد يوميا امرأة او رجلا أو طفلا بيده أنبوب الماء وهو يرش ويغسل امام بيته او سيارته او يتمتع بتلك العملية لوقت طويل دافعا آلاف الالتار من تلك المياه النقية الى السواقي الآسنة او المجاري وهو يعبث بواحدة من أهم واخطر ثرواتنا الطبيعية المهددة فعلا بالنضوب والانحسار!؟
وإزاء ذلك؛ كم منا فكر ولو لدقائق بوضع الكهرباء في البلاد قبل ان يحمل مسؤولية كل الأمور للدولة وهي تتحمل جزءً مهما من المشكلة فعلا، ولكن علينا ان نرى كل أوجه الحقيقة ومن يشارك الدولة في المسؤولية او حتى الفساد في مستويات التخريب او الاختلاس او السرقة؟
ماذا يعني هذا الاستهلاك الجنوني للطاقة في كل البيوت دون استثناء، وفي الأسواق والعمارات والشركات بما في ذلك اولئك الذين يستهلكون تلك الكميات على حسابهم الخاص او من إنتاجهم، وهم بالتالي يخضعون لذات المعايير في الاستهلاك العبثي للأكل وما يترتب عليه من اندثار كبير للمال العام والثروة الوطنية.
لقد حدثني مدير إنتاج الكهرباء في إحدى المحافظات التي لا يزيد عدد نفوسها عن مليون نسمة، والتي نجحت في تغطية عشرين ساعة يوميا من الطاقة فقال:
إننا ننتج ما يغطي 20 ساعة يوميا من مجموعه 24 ساعة، وتبقى الساعات الاربعة الأخرى تغطيها المولدات الأهلية، وحينما سألته عن تكلفة تلك الساعات العشرين التي تدفعها الحكومة على شكل وقود او أموال لشركات أهلية تنتج الكهرباء، قال:
إن الحكومة تدفع شهريا ما يقرب من 110 مليون دولار قيمة هذه الساعات من الكهرباء بأسعار لا تكاد تذكر، أي ما مجموعه مليار وثلاثمائة وعشرون مليون دولار سنويا لمحافظة واحدة، والأجور المستقطعة من المواطن أدنى بكثير جدا من مستوياتها في اوربا او امريكا او حتى بلدان الشرق الأوسط، علما بأن ما يقرب من نصف الكمية المستهلكة من قبل المواطن تقع تحت حقل التبذير غير النافع والمضر، بمعني إن نصف المبلغ المذكور يذهب حرقا كوقود او أموالا دون أي جدوى!؟
صحيح ان للحكومة مسؤولية كبيرة في ظاهرة الفساد وهي تتحمل وزر الكثير من ذلك، لكن علينا ايضا ان نعرف من هم شركائها في الفساد وإدامته، ولعل ما ذكرته هنا يمثل أوجها قبيحة للفساد المستشري، ليس في مفاصل الدولة فحسب وإنما في سلوك وتصرفات الفرد والأسرة والمجتمع، وإذا كنا فعلا نريد كشف الفساد وفضحه ومحاسبة رموزه ومن ثم القضاء عليه فمن باب أولى أن نبدأ بأنفسنا ومن اسرنا ومجتمعاتنا ابتداء من الغذاء الذي يذهب ربعه او نصفه احيانا الى النفايات وانتهاء بالاستهلاك العبثي المريب للماء والكهرباء والوقود والاتصالات وما يتبع ذلك من تلويث وتدمير للبيئة والطبيعة!؟
ويبدو لي انه من المصلحة الوطنية العليا ان يناقش البرلمان هذه الأوجه قبل ان يستجوب رئيسا أو وزيرا أو مسؤولا، ويعمل على تشريع قوانين وضوابط للحفاظ على الثروات الوطنية ( الماء والغذاء والطاقة ) من الاستهلاك العبثي بحجة حرية التصرف بالمال الخاص.
لا اعتقد انه هناك فردا واحدا في بلادنا لا يشاهد يوميا امرأة او رجلا أو طفلا بيده أنبوب الماء وهو يرش ويغسل امام بيته او سيارته او يتمتع بتلك العملية لوقت طويل
صدقت ففي الوقت الذي تعاني فيه بيوت من شحة المياه تجد أن البيووت المجاورة لها تهدر المياه بسبب تنصيبها مضخات عملاقة تسحب حصتها وحصة غيرها من المياه مما يترك حسرة في نفس جاره الذي يقضي ساعاته بانتظار عودة المياه
شكرا لك أستاذ كريم لهذا الطرح
فقد قرأت مرة أن من مقومات المواطنة في البلدان المتقدمة هي المحافظة على نظافة بلدانها ..!! فالمواطنة ليست فقط شعارات واعلانات الاستعداد الدّائم للفداء ...
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
صدقت ففي الوقت الذي تعاني فيه بيوت من شحة المياه تجد أن البيووت المجاورة لها تهدر المياه بسبب تنصيبها مضخات عملاقة تسحب حصتها وحصة غيرها من المياه مما يترك حسرة في نفس جاره الذي يقضي ساعاته بانتظار عودة المياه
شكرا لك أستاذ كريم لهذا الطرح
فقد قرأت مرة أن من مقومات المواطنة في البلدان المتقدمة هي المحافظة على نظافة بلدانها ..!! فالمواطنة ليست فقط شعارات واعلانات الاستعداد الدّائم للفداء ...
سيدتي الكريمة
كوكب البدري
اشكرك جدا لمرورك ومداخلتك القيمة
واقول دوما ان اكثر الدول احتراما
هي تلك الدول النظيفة
التي يعتني سكانها
بنضافتها وثرواتها ومصالحها العامة
الأستاذ الكريم كفاح
تحية طيبة
كل الأطراف تتحمل المسؤولية
نعم المواطن ينحمل وهو شريك
ولكن أين حقوق المواطنة في بلد يطفو على الخيرات
لذلك اصبحت المعاملة لا تنجز الابعد الرشوة
وهناك من حصل على مقومات المواطنة وهو ليس مواطن عراقي
وهناك من تعاقد وتبين ان العقود ما هي الا حروف مكتوبة على الورق
فلو جلبوا وارجو ان تسمح لي بهذه الكلمة والمعذرة (مولدات عى عدد أزقة العراق على البعير وتم نصبهافي المحلات وقامت بذلك الحكومة خلال هذه الثمان سنوات ) لما أصبح المواطن تحت رحمة اصحاب المولدات الأهلية في هذا الحر الذي لا يحتمل
استاذي الكريم
لا احد يفكر بأن هناك انسان له حق
والناس تموت من الجوع والمرض والمليارات تصرف ولكن أين لا احد يدري
والسفرات والايفادات والأتفاقيات والمؤتمرات وجيوش من المستشاريم الذين لا يفقهون شيء
والمحاصصة المقيتة
وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب
والوراثة العائلية في المناصب والوظائف
والشباب الذي يفترش الشوارع والمخدرات وتجارة النساء والاطفال وعدد الأرامل والأيتام الذي يكبر يوماً بعد يوم
وغيرها الكثير
كلها تصب في مستنقع واحد
هو موت الضمائر
وخيانة الشعب والوطن
واكثر من نصف الميزانية رواتب ومخصصات الفئات العليا
والمايارات تهدر ولا شيء منفذ على أرض الواقع
المعذرة لحرفي
ولكن الوجع العراقي ومسبباته تهدني