من ذكريات الطفولة
كنت لا أحب الصيام، وكان تلفزيون العراق قبل رمضان بيوم أو يومين يبث أغنية مصرية للأطفال، مازلت أتذكر كلماتها التي كانت تستفزني جداً وكأنها تُبث لإغاظتي
(أهو جيه يا ولاد، هيصوا يا ولاد، أهو جيه يا ولاد)
لكني لا أستطيع الجهر بحقيقة مشاعري خشية اتهامي بقلة التربية.
وقبل الآذان بساعة، أدور على جيراننا وأطرق أبوابهم لأسألهم إن كانوا قد فطروا أم لا، وأصاب بخيبة أمل حين أعرف بأن الجميع يفطرون بوقت واحد.
أعود إلى بيتنا مهموماً جائعاً، فأصب جام غضبي على شقيقي الأصغر، وأبعثه ليسأل الجيران من جديد، فيذهب مكرهاً، ويسأل:
- خالة.. عمر يگول فطرتو لو بعد؟.
- روح گله إذا بعد جيت تسأل أكسر رجلك.
فأعود وأرسله إلى بيت المؤذن الذي كان لا يبعد كثيراً عن بيتنا.
- خالة.. عمر يگول كل العالم فطرت شينتظر عمي أبو شعبب.
فيعود بطبق من مائدتهم ويبلغني برسالة أم شعيب.
- خالة ام شعيب تگول ولك أبو بطن أمة محمد كلها تفطر سوة.
كان يحدث كل هذا وأنا أكون قد شربت جرعة ماء أثناء وضوء صلاة الظهر، وذقت جميع الأكلات التي على الطباخ في غفلة من أمي.
نسأل الله العفو والعافية.