ثنائية (عودة النورس المهاجر ) ليلى أمين & سمير عودة

ثنائية

عودة النورس المهاجر


ليلى أمين & سمير عودة

عاد نورسي من بعيد
أوقفوا عقارب الساعة
ولنبدأ العدّ من جديد
هي ذي ساعة الصفر
إقرعوا الطبول
املأوا الدنيا هتافات
واعلنوها بسمة
تطوي كل الآهات
عاد نورسي من جديد
قصّروا كل المسافات
اغلقوا بوابة الشطآن
مزّقوا أشرعة السفن
لا رحيل بعد اليوم
سأسكنك أضلعي
و أطعمك من دمي
و أعلّمك ركوب الامواج
واستباق الرياح
كي لا تتوه عن الطريق
حين افتراق

أميرةَ كلِّ النوارسِ

يا فلقةَ الروحِ

ها قد رجعتُ

وقد فاضَ طوفانُ شوقي إليكِ

مللتُ حياةَ الشّتاتِ

ورؤيةَ موتِ النوارسِ تحتَ ثلوجِ المنافي

هناكَ جميعُ الفصولِ شتاءٌ وبردٌ شديدٌ

فأبحثُ عن دفءِ روحيَ في مقلتيكِ

رجعتُ لأسكنَ فيكِ

وأنصبَ أرجوحتي بين رمشٍ ورمشٍ

وما بين ضلعٍ وضلعٍ

وأقضي الليالي العذابَ في خافقيكِ

نعم عدت من بعيد،بعد طول انتظار
وقد أنهكني الرحيل
ومزّق أحشاء الوصال
فهل يداوي اللقاء حرقة الفراق؟
أحرقني البعاد
فهل أبكيك من جديد؟
لأطفئ نيران وجعي
كيف؟
وقد جفّت أنهار مأقي
وحديقتي نسيها الربيع
نعم عدت من بعيد
وماذا عنّي أنا؟
هل تعاد الحياة للأموات؟
نسيني الجميع
ورسموا على بابي
هنا ترقد ضحية النورس المهاجر

أميرة كلّ النوارس!
أحجية الزمن وحكاية يدغدغها الخيال
هل للإمارة لحن هنا؟
وعبودية الشوق وألم الفراق
أنساني حلاوة العرش
هناكَ جميع الفصولِ شتاءٌ وبردٌ شديدٌ
وهنا انتحرت كلّ الفصول
فلا الشتاء شتاء بعذب أمطاره
ولا الصيف صيف بنور شمسه
فهل ستظل أرجوحتك صامدة بين الرموش؟
وأضلعي هدّتها السنون
و أثقلتها كوابيس الهجر
فهل يشفع لي بعادك عنّي
فأحيا من جديد

لا تحسبي أني هجرتُكِ طائعاً

هي لقمةُ العيشِ التي غمّستُها

بالكدِّ والعرقِ الغزيرْ

ولقدْ أتيتُكِ غانماً ومُحمّلاً

بالشوقِ والحبِّ الكبيرْ

لن يأفلَ القمرُ المنيرْ

ما دامَ حبي يسكنُ الأضلاعَ والقلبَ الصغيرْ

هيا لنمرحَ مثلما كنا صغاراً في الحقولِ

نعانقُ الأحلامَ والآمالَ

حيثُ تزولُ عنا كلُّ أعراضِ النوى والزمهريرْ

ارتسمت على جفن الصباح تباشير الطفولة
فأورد الخدّ خجلا وعانق الافق في صمت
والنورس المحمّل بأشهى الذكريات
يساوم لوعة الفراق ووجع البعاد
ما عساي أقول والدمع مأكلي ومشربي
ما عساي أقول والروح في غفوة
تساوم أحلام الربيع عن أجمل قبلة
أغز قوافل مشاعري
حطّم جسر مخاوفي
علّمني كيف أراك في ثورة حزني

أحببتُ فيكِ براءةَ الأطفالِ

في الوجهِ المطعّمِ بالنضارةِ والشبابْ

وعشقتُ فيكِ عيونَكِ الخجلى

وصوتاً مخملياً مثلَ سيمفونيةِ العشاقِ

تُعزفُ في الليالي المقمراتِ على الرّبابْ

لا تحسبي أني خيالٌ أو سرابْ

أنَاْ من يجفّفُ دمعَكِ الغالي

ويمسحُ عنكِ هذا الإكتئابْ

هيّا احضني إكسيرَكِ الآتي

فقد طالَ الغيابْ

هيا لنفتحَ صفحةً أخرى

نكونُ بها

زوجينِ منصهريْنِ

بل إيقونتيْنِ

يردّدُ العشّاقُ قصّتَنا

فنخلُدُ ضمنَ متنٍ في كتابْ

سأنثر في طريقك ألف وردة
وأرسم على حافتيها أجمل قبلة
تطفئ نيران الاشواق
وتفتح أجفان الذكريات
لتوقظ طفلك الصغير
فتولد من جديد لحظة اللقاء
هل نسيت ملامح وجهي البريئ؟
طوتها السنون في أروقة الزمن.
لا تخف لن تتوه عنّي
فعطرك ما زال يغزو أثوابي القديمة
هل تذكر حين أهديتني إياه؟
في ليلة عيد علتها ابتسامات
وزغاريد صبح مندّى
وطفلة جريئة تسابق الرياح
بين المروج الخضراء
أنا ما عدت الطفلة
تسامر الليال الطوال
وفي كفّها حلم جديد
آه يا نورسي المهاجر
أنا امرأة حبلى بقصيدة بلا وزن
وفي جيدها أغنية تاه عنها اللحن

يا نورسةً أنضجها بعدي عنها

ورجعتُ إليها

فوجدتُ امرأةً أنثى

تمتازُ بطهرٍ ونقاءْ

حفظت حبي

أوفت بالعهدِ

وقد كانت تتقاذفُها الأنواءْ

علّمتُكِ كيف تحبيني

ورأيتُكِ أجملَ من كلِّ نساءِ الدنيا قاطبةً

أنتِ امرأةٌ خارقةٌ

قلبت وجهةَ بوصلتي

وأنا كالملّاحِ التائهِ

أبحثُ عنها في كلِّ الأرجاءْ

يا امرأةً تستوطنُني

من رأسي حتى أخمصِ قدمي

لا تعتقدي أني حلمٌ

فأنا سِفرٌ أهدتهُ إليكِ الأقدارُ

وأنتِ النصُّ

وأنتِ المتنُ

وأنتِ قصيدتِيَ الأولى

من ألِفِ العشقِ وحتى الياءْ